أصدر مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية العدد الثاني من سلسلته البحثية “دراسات مسارات”، تحت عنوان: “الاختراق السيبراني العابر للحدود: التحالف الاستخباراتي بين الموساد وجناح البحث والتحليل الهندي (RAW) وتداعياته على الأمن الإقليمي” للباحثتين: رانيا شريف باحث دكتوراة في العلاقات الدولية ومنار عبدالغني باحث دكتوراة في العلاقات الدولية.
تتناول الدراسة ظاهرة التحالف المتنامي بين جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) ونظيره الهندي (RAW)، كجزء من شراكة استراتيجية تتجاوز الأبعاد الأمنية التقليدية، لتتحول إلى منظومة استخباراتية هجينة ذات طابع رقمي، تستهدف إعادة تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط وجنوب آسيا.
وتُشير المؤشرات المتصاعدة التي ترصدها الدراسة إلى أن هذا التحالف لا يُعد وليد ظرف أمني طارئ، بل يعكس مخططًا طويل الأمد يستثمر في الانتشار البشري الهندي والبنية التحتية التقنية المنتشرة في دول الخليج وإيران، بما في ذلك شركات تعمل في قطاعات حساسة مثل الاتصالات والخدمات البنكية والدفاع.
وتحذر الباحثتان من أن هذا النمط يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن السيبراني والسيادة الرقمية في المنطقة، من خلال توظيف أدوات رقمية متقدمة، وشبكات تجسس غير تقليدية تعمل تحت أغطية تجارية وتقنية مشروعة. كما تكشف الدراسة عن تحولات نوعية في أدوات العمل الاستخباراتي، أبرزها تداخل المصالح التكنولوجية مع الأجندات الأمنية، بما يعيد تعريف مفهوم الأمن القومي في العصر الرقمي.
وفي ضوء تزايد الأدلة على هذا التغلغل السيبراني العابر للحدود، توصي الدراسة بضرورة:
- إعادة تقييم الشراكات التقنية والتجارية في القطاعات الحيوية.
- تطوير نماذج أمن رقمي محدثة تتماشى مع طبيعة التهديدات الهجينة.
- تعزيز التنسيق الاستخباراتي على المستوى الإقليمي لضمان استجابة جماعية فعالة.
وتخلص الدراسة إلى أن طبيعة التحالف الاستخباراتي بين الموساد وRAW تستدعي مراجعة جذرية لاستراتيجيات الأمن السيبراني الإقليمي، والنظر إلى الأمن الرقمي باعتباره مكونًا مركزيًا في معادلات السيادة والاستقرار.
”دراسات مسارات” هي سلسلة غير دورية يصدرها مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية، وتهدف إلى تقديم معالجة معمقة لقضية واحدة في كل إصدار، عبر توظيف أدوات التحليل السياسي والاستراتيجي واستشراف الاتجاهات المستقبلية المرتبطة بها. تنبثق هذه الإصدارات من قناعة المركز بأهمية إنتاج معرفة تفسيرية واستشرافية تسهم في فهم التحولات البنيوية والراهنة في البيئة الإقليمية والدولية، وتدعم عملية صناعة القرار على أسس مدروسة. وتسعى “دراسات مسارات” إلى تجاوز التوصيف السطحي للأحداث، بالتركيز على تحليل السياقات الكلية، ورصد التفاعلات المؤثرة، وتقديم سيناريوهات ممكنة للمآلات المستقبلية، بما يجعلها إضافة نوعية في حقل الدراسات السياسية والاستراتيجية.