• من نحن
  • النشرة البريدية
  • اتصل بنا
  • سياسة الخصوصية
  • الرئيسية
  • التقديرات
  • الإنذار المبكر
  • البرامج
    • الدراسات الإفريقية
    • الدراسات الفلسطينية- الإسرائيلية
    • الدراسات التركية
    • الدراسات الإيرانية
    • الدراسات الأذربيجانية
    • الاستراتيجيات والتخطيط
    • الإرهاب والتطرف
    • الطاقة
    • الذكاء الاصطناعي
    • الأمن السيبراني
    • التغير المناخي
    • السياسات العامة
  • المرصد
  • الإصدارات
  • الفعاليات
    • التدريب
    • ورش العمل
    • ندوات
  • نافذة مسارات
    • أخبار المركز
    • المركز في الإعلام
    • مقالات الرأي
    • انفوجراف
    • فيديوجراف
  • العربية

لا توجد منتجات في سلة المشتريات.

No Result
View All Result
مركز مسارات
الرئيسية التقديرات

الاتفاق الدفاعي السعودي – الباكستاني: تراجع مركزية الغرب في معادلات الأمن الإقليمي

محمود حسن بواسطة محمود حسن
سبتمبر 29, 2025
في التقديرات
0
0
مشاركة
54
مشاهدة
Share on FacebookShare on Twitter
أثارت التطورات المصاحبة للهجوم الإسرائيلي على قيادات حركة حماس في الدوحة في 9 سبتمبر 2025 مجموعة من التساؤلات حول جدوى المنظومة الأمنية الإقليمية، والتي تتسم بهيمنة القيادة الأمريكية عليها ومدى مصداقية المظلة الدفاعية التي توفرها واشنطن لحلفائها الخليجيين، بالأخص في ظل موقف ترامب المتشدد في دعم سياسات إسرائيل في المنطقة. تبعاً لذلك، تمثل اتفاقية الدفاع المشترك الموقعة بين الرياض وإسلام آباد في 17 سبتمبر 2025 لحظة فارقة في تحديد مفهوم الأمن في المنطقة ودفع القوى الإقليمية نحو نوع من الشراكات الدفاعية البينية، ويحاول هذا التقدير فهم الدوافع الرئيسة وراء هذا الاتفاق ودلالاته وما إذا كان هذا الاتفاق الثنائي قد يمهد لمظلة دفاعية إسلامية قد تضم دول مؤثرة أخرى مثل مصر وتركيا أم سيكتفي بتعزيز القدرات الدفاعية ضمن إطار ثنائي محدود.

أولًا: محفزات الاتفاق الدفاعي السعودي – الباكستاني

تم توقيع اتفاق الدفاع الاستراتيجي المشترك بين السعودية وباكستان في ظل مجموعة من السياقات الإقليمية وأبرزها ما يلي:
  1. تراجع مصداقية الحماية الأمريكية: ينم الاتفاق عن قناعة خليجية واسعة النطاق بمحدودية مظلة الدفاع الأمريكي، خصوصاً آثر رد فعل واشنطن المتواضع تجاه حوادث إقليمية معينة مثل هجمات أرامكو عام 2019، الهجمات الحوثية على الإمارات في 2023، وآخرها هجمات إسرائيل على الدوحة في سبتمبر الجاري. بالتالي، أدى مناخ عدم اليقين المحيط بالتزامات واشنطن الأمنية تجاه دول الخليج العربي إلى حرص القيادات الخليجية على إيجاد بدائل دفاعية جديدة تستعيض بها عن الدور الأمريكي في المنطقة مثل تعزيز التعاون الدفاعي مع باكستان.
  2. سياسات إسرائيل العدوانية في المنطقة: بجانب تآكل الثقة في الأمريكيين، أثبت تصاعد التهديدات الإسرائيلية من حيث الحجم والنفوذ، والذي تجلى بوضوح عبر استهداف تل أبيب لأكثر من سبع دول إقليمية، بعضها غير منخرط في أي مواجهة استراتيجية مع الجيش الإسرائيلي على غرار قطر وتونس، المخاوف الأمنية الخليجية بما يتطلب بناء منظومة ردع إقليمية فعالة، وهذا يعني أن باكستان تمثل الشريك العسكري الموثوق الذي يمكن أن يلعب دوراً دفاعياً حيوياً في الخليج للحفاظ على نوع من الاستقرار الإقليمي وتعزيز الردع الخليجي في مواجهة الهيمنة الإسرائيلية.
  3. الشراكة العسكرية الهندية – الإسرائيلية: من جانبها، تنظر باكستان بعين القلق إلى الشراكة الدفاعية المتنامية بين نيودلهي وتل أبيب، والتي تجسدت مؤخرًا في استخدام الهند المكثف لأنظمة أسلحة إسرائيلية الصنع ضدها في الصراع الأخير الذي استمر أربعة أيام في مايو ٢٠٢٥، فأبرمت الهند العديد من صفقات الأسلحة الكبيرة مع إسرائيل بقيمة مئات الملايين من الدولارات، وتشمل هذه الصفقات أنظمةً متطورةً مثل نظام الحرب الإلكترونية “سكوربيوس” من إنتاج شركة إلتا الإسرائيلية، والمُصمم لتعطيل دفاعات العدوّ وتأمين ممرات آمنة للطائرات المهاجمة، كما حصلت الهند على صواريخ “سكاي ستينغ” جو-جو من الجيل السادس، القادرة على التصويب الدقيق بعيد المدى ومقاومة التشويش الإلكتروني، وهي صفقة غير مسبوقة لعملاء أجانب. نتيجةً لذلك، يشكل الاتفاق السعودي- الباكستاني جزءً من إعادة تقييم الاستراتيجية الأمنية للبلدين لمواجهة التوازنات الإقليمية الجديدة.
  4. الدعم المالي السعودي للنظام الباكستاني: يأتي الاتفاق الدفاعي ضمن سياسات إسلام آباد الهادفة لتعزيز العلاقات الاستراتيجية مع الرياض للحصول على دعم مالي واستثماري واسع النطاق في خضم أزمتها الاقتصادية الراهنة. على سبيل المثال، استثمرت المملكة في قطاعات اقتصادية باكستانية عدة مثل تطوير الموانئ، حيث ضخ السعوديون استثمار قدره 10 مليار دولار لإنشاء مجمع بتروكيماويات في ميناء جوادر، فضلاً عن تقديم قرض قدره 3 مليار دولار في ديسمبر 2024 لتعزيز الاحتياطي النقدي لإسلام آباد. علاوةً على ذلك، تدر تحويلات الباكستانيين العاملين في المملكة إيرادات قدرها 24 مليار دولار بحسب تقديرات بنك باكستان المركزي لعام 2024. لذلك لدى باكستان مصلحة استراتيجية في تعزيز علاقاتها مع المملكة لضمان استدامة تدفق الاستثمارات السعودية، وهنا يمكن القول إن الاتفاق يعمل على تحويل كافة مظاهر الدعم الاقتصادي السعودي من منح ومعونات مالية إلى هيكل مؤسسي واضح ضمن علاقة استراتيجية متكاملة.
  5. دعم القدرات الدفاعية المشتركة ونقل التكنولوجيا: كما نص الاتفاق على تعزيز التعاون العسكري التقليدي من خلال عقد تدريبات مشتركة بما يعزز قابلية التشغيل البيني للقوات المسلحة في البلدين. فتنص الوثائق الباكستانية الرسمية أن إسلام آباد دربت أكثر من 8000 جندي سعودي منذ 1967، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم في ظل الاتفاق الجديد، كما أشارت الوثيقة إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية، خصوصاً بمجالات مكافحة الإرهاب والعمليات غير النظامية – في إشارة إلى أن الاتفاق يعمل على ردع التهديدات الحوثية في اليمن – ودعم جهود توطين الصناعات الدفاعية مثل تطوير طائرات بدون طيار، صواريخ، وأنظمة دفاعية متقدمة. إن ملف الاكتفاء الذاتي الدفاعي يأتي على رأس أولويات القادة الخليجيين، إلا أنه يكتسب أهمية خاصة في سياق الاتفاق الموقع بين السعودية وباكستان، لأنه يعزز الوصول السعودي لتكنولوجيات صينية متقدمة مثل الطائرات المقاتلة والتدريب على الأسلحة.

ثانيًا: دلالات توقيع الاتفاق السعودي – الباكستاني

تشير اتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان إلى تحولات استراتيجية وجيوسياسية عميقة مع تطبيق مناورات تكتيكية عند التنفيذ مما يجعل فهمها بشكل دقيق ضرورياً كما يلي:
  1. النص الفضفاض لوثيقة الدفاع الاستراتيجي: يشير اتفاق الدفاع الاستراتيجي إلى إمكانية “استخدام كافة الوسائل العسكرية للردع” دون توضيح نوعية التقنيات العسكرية والأسلحة التي يشملها الاتفاق، وهذا الغموض الاستراتيجي يخدم هدف المرونة العملياتية ويعطي الدولتين هامشاً من المناورة والتأويل عند تفعيل بند الدفاع المتبادل. وفي الوقت ذاته، يمكن رؤية أن توظيف عامل الغموض يمكن الرياض وإسلام آباد من تعزيز معادلة الردع الإقليمي عبر ترك كافة سيناريوهات الرد مطروحة أمام أي دولة معتدية – بما فيها القدرات النووية – مما يجعل القوى الأخرى أكثر حذراً لاختبار مدى وثاقة الاتفاق.
  2. الالتفاف على القيود النووية الدولية: إن النص المبهم للاتفاق يلعب دوراً مهماَ في توفير المظلة النووية للسعوديين دون أن تتحمل المملكة أي تبعات قانونية ودبلوماسية واقتصادية، كما إن الضمانات الأمنية الباكستانية توفر أداة ردع نووية دون الإخلال بالتزامات السعودية بوصفها طرفاً في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية منذ عام 1988. تبعاً لذلك، نجحت الدبلوماسية السعودية في تعزيز قدرات الردع الوطنية دون الدخول في صدام مع المجتمع الدولي والتعرض لعقوبات اقتصادية كما كان متوقعاً إذا عملت على تطوير قدرات نووية سعودية خالصة.
  3. إعادة هيكلة المنظومة الأمنية في الشرق الأوسط: يعبر اتفاق الدفاع الاستراتيجي عن انحدار النظام الأمني الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط والدفع تجاه شراكات دفاعية متنوعة وربما نظم تسليح عسكري غير غربية. على سبيل المثال، على الرغم من عدم تعليق إدارة ترامب على الاتفاق، إلا أن دخول باكستان والسعودية وهما حليفين تقليديين لواشنطن، في اتفاق دفاع مشترك يعني تخلي البلدين عن الضمانة الأمنية الأمريكية بشكل تدريجي. واتصالاً بهذه الفكرة، يعتبر الاتفاق مؤشراً حول تغير السياسة السعودية القائمة على توقيع اتفاق دفاعي ملزم مع الولايات المتحدة، وهو هدف استراتيجي عملت المملكة على تحقيقه طيلة فترة إدارة جو بايدن.
بالإضافة إلى ذلك، تعد الصين أحد أكبر المستفيدين من الاتفاق السعودي – الباكستاني. يمكن اعتبار دخول باكستان على خط التفاعلات في الخليج، امتداداً لنفوذ صيني متزايد في المنطقة، فيحظى الدور الإقليمي لباكستان بدعم اقتصادي واضح من الصين، لا سيما في إطار مبادرة “الحزام والطريق” ومشروع “الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني. وفي هذا الإطار، قد يمهد الاتفاق لانفتاح سعودي أكبر على الصين ومشاورات اقتصادية وربما عسكرية أيضاً، كما سبق أن عبر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مقابلة له عام 2023 “يمكن للسعودية التحول في التسليح بعيداَ عن أمريكا”، مما فسر بشكل موسع على أنه تلميح لتعاون أعمق مع الصين.

ثالثًا: إمكانات تشكيل تحالف إقليمي

انطلاقاً من التطورات الإقليمية الراهنة، من المرجح انضمام دول إقليمية أخرى إلى الاتفاق أو عقد ترتيبات دفاعية وثيقة تعزز مساحة التنسيق العسكري والاستخباراتي في المنطقة وهذا يتضح من خلال المؤشرات التالية:
  1. تعزيز التعاون الدفاعي بين مصر وباكستان: تتجه القاهرة وإسلام آباد إلى تعزيز أطر الشراكة في المجال الدفاعي ضمن رؤية أوسع لتنويع مصادر التعاون العسكري، فقد عقد وزير الدولة للإنتاج الحربي في مصر لقاءً مع السفير الباكستاني في القاهرة، ناقشا خلاله فرص التعاون في التصنيع العسكري، وفي هذا السياق، وجهت مصر دعوة رسمية للشركات الباكستانية للمشاركة في معرض الصناعات الدفاعية الدولي EDEX 2025، المقرر انعقاده في القاهرة، وهو ما يعكس توجهًا استراتيجيًا للاستفادة من الخبرات الباكستانية في هذا القطاع. بالتالي، تشاطر القاهرة كلٍ من الرياض وإسلام آباد النظرة ذاتها تجاه حالة عدم الاستقرار الإقليمي النابعة من تصاعد نفوذ إسرائيل العسكري، مما قد يدفع القاهرة لتعزيز التنسيق الدفاعي مع الباكستانيين عبر الاستفادة من الخبرات والقدرات العسكرية المتقدمة للطرفين.
  2.  تعزيز التعاون الدفاعي بين تركيا وباكستان: شهدت العلاقات بين أنقرة وإسلام آباد تطورًا ملحوظًا باتجاه ترسيخ شراكة استراتيجية شاملة، وقد عكست زيارة رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف إلى تركيا في 25 مايو 2025 هذا المسار، حيث أكد الجانبان التزامهما بتعزيز التعاون في مجالات متنوعة، مع التركيز على القطاع الدفاعي، ولقد شملت قطاعات التعاون المشترك تنفيذ مشروعات في قطاع تكنولوجيا المعلومات، البنية التحتية والإنتاج الدفاعي، مما يدل على حجم تعقيد الشراكة الثنائية بين البلدين، كما أن إشارة تقارير عسكرية لإمكانية مشاركة مقاتلات تركية في حرب مايو بين الهند وباكستان تعبر عن التعاون المتنامي بين البلدين. وبالتوازي، تسهم نبرة الخطاب الإسرائيلي المناهض لأنقرة – سياسياً وإعلامياً – في تحفيز مسارات الاستقلال الدفاعي لتركيا بعيداً عن مظلة حلف الناتو، ناهيك عن أن إنشاء تحالفات أمنية إقليمية يتماشى مع مبدأ “الملكية الإقليمية للأمن” الذي تروج له الدبلوماسية التركية.
  3. الحاجة إلى هيكل أمني بديل يعزز “الاستقلال الاستراتيجي”: تمثل التحركات نحو تشكيل تحالف دفاعي إقليمي استجابة طبيعية للحاجة إلى الاستقلال الاستراتيجي عن القوى الكبرى، فعلى مدى العقود الماضية، اعتمدت العديد من الدول الإسلامية، خصوصاً الخليجية، على الحماية الغربية، لكن أحداث السنوات الأخيرة أثبتت هشاشة تلك الترتيبات. ومن ثم، فإن تأسيس تحالفات بين دول كالسعودية، باكستان، تركيا، ومصر، يحمل إمكانية بناء نظام أمني إسلامي مستقل يستجيب لأولويات هذه الدول دون أن يُرتهن لاعتبارات أمريكية أو أوروبية.
  4. تقاطع الأولويات الدفاعية والاستخباراتية: تتقاطع أجندات الدول الأربع (السعودية، باكستان، مصر، تركيا) في ملفات مثل مكافحة الإرهاب، التصدي للجماعات المسلحة المدعومة خارجياً، حماية أمن الممرات البحرية (مثل البحر الأحمر، الخليج العربي)، واحتواء التوسع الإسرائيلي غير المتوازن. هذا التقاطع يوفّر أرضية صلبة لتنسيق أعمق في المجالات الاستخباراتية، تبادل المعلومات، وإجراء المناورات المشتركة.

رابعًا: هل يعكس الاتفاق الدفاعي تراجعًا سعوديًا عن مسار التطبيع مع إسرائيل؟

يمكن قراءة الاتفاق الدفاعي السعودي الباكستاني كإشارة واضحة على تراجع، أو على الأقل تجميد مؤقت، لمسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل. في ضوء هذه المتغيرات، تبدو السعودية وكأنها تعيد رسم أولوياتها الأمنية والاستراتيجية، مما قد ينعكس بوضوح على مستقبل العلاقات مع إسرائيل ومسار التطبيع الإقليمي، ويمكن ذكر ذلك في إطار عدة مؤشرات:
  1. تحالف دفاعي لا يشمل إسرائيل: من حيث المبدأ، التحالف مع باكستان الدولة التي لم تعترف بإسرائيل وتعارض التطبيع مبدئيًا يعبر عن انحراف عن المسار الذي حاولت الولايات المتحدة فرضه عبر اتفاقات أبراهام، حيث أن هذه الاتفاقيات كانت تستند إلى دمج إسرائيل ضمن بنية أمنية إقليمية تشارك فيها دول الخليج باعتبار إسرائيل “مزود تكنولوجيا ومصدر ردع”، لكن التوجه السعودي الجديد يُفكك هذه الفرضية عبر السعي لتحالفات إسلامية مستقلة عن إسرائيل.
  2. باكستان كلاعب “معادٍ للتطبيع”: حيث أنها لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وتُعد من الدول القليلة التي تربط أي اعتراف بتسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، لذلك فأن تحالف السعودية مع قوة بهذا الثقل الأيديولوجي والعسكري يرسل إشارة سياسية واضحة بأن الرياض قد تكون بصدد إعادة تموضع استراتيجي، يُعيد الاعتبار للمسألة الفلسطينية ضمن حسابات الأمن القومي العربي، وهذا قد يقوض أي تصور أمريكي إسرائيلي لتوسيع التحالفات الأمنية لتشمل تل أبيب ودول الخليج في إطار واحد.
  3. تنامي انعدام الثقة المتبادلة: من الجانب الإسرائيلي، يُعد انخراط السعودية في اتفاق دفاعي مع دولة نووية لم تعترف بإسرائيل خطوة مقلقة، تعزز شعور تل أبيب بأن الرياض قد لا تكون شريكًا استراتيجيًا موثوقًا في تحالف أمني مشترك. في المقابل، تنظر السعودية إلى الهجوم الإسرائيلي على “حماس” في الدوحة كحادث خطير، تجاوز الخطوط الحمراء الإقليمية، وهو ما يُنذر بنزعة إسرائيلية للعمل الأمني المنفرد حتى داخل أراضي الحلفاء المحتملين. وبالتالي، تتراكم مؤشرات عدم الثقة، ما قد يجعل بناء شراكة أمنية إقليمية سعودية  إسرائيلية مسألة مؤجلة أو حتى مستبعدة على المدى القريب.
  4. انعكاسات على مسار التطبيع: في ظل تراجع الدور الأمريكي كضامن موثوق للأمن الإقليمي ورفض واشنطن التدخل الحاسم لمواجهة التجاوزات الإسرائيلية المتكررة، تدرك المملكة العربية السعودية أن مسار التطبيع لن يوفر لها الضمانات الأمنية اللازمة، بل قد يُورطها في معادلات أمنية إقليمية معقدة وغير مستقرة. لذلك، تسعى السعودية حالياً إلى هندسة بديل أمني يعزز مفهوم الاستقلال الاستراتيجي ويعيد رسم حدود الأمن العربي بعيداً عن الهيمنة الإسرائيلية أو الرعاية الأمريكية الأحادية، وهذا التحول لا يعني بالضرورة إنهاء مسار التطبيع، لكنه يعيد صياغته في إطار أكثر تحفظاً وبراجماتية، بحيث يخرج من دائرة الاعتبارات الأمنية ليقتصر في أفضل حالاته على علاقات اقتصادية وتقنية ذات طابع سياسي مدروس.

خامسًا: مستقبل الاتفاق السعودي – الباكستاني

برغم الإمكانات الواعدة لهذا الاتفاق، إلا أن تعزيز فاعليته الدفاعية يعتمد على مجموعة من العوامل الرئيسة التي تحدد مدى التزام البلدين بترابط عسكري حقيقي وهي:
الأول: لا يتضمن ما تم نشره حول الاتفاق أي آليات تنفيذية أو إجراءات لتفعيل وضع الدفاع المشترك، وبينما يمثل الغموض الاستراتيجي عاملاًَ رادعاً في مواجهة التهديدات الاستباقية، إلا أنه قد يخاطر بوضع الاتفاق في خانة الرمزية والتضامن المشترك، وعلى الرغم من اعتماد الاتفاق على نص “أي عدوان على أحد الطرفين يُعد عدوانًا على الآخر” بما يشبه نص المادة الخامسة من معاهدة حلف الناتو، إلا أن البيانات الرسمية لم تعالج مسائل ذات أهمية بالغة مثل هياكل القيادة، ونشر القوات، أو الخطط العملياتية المشتركة، ويحد هذا الوضع من فهم كيفية عمل الاتفاقية في سيناريو صراع حقيقي، مما قد يؤثر على فعاليتها كرادع على غرار رفض باكستان المشاركة في عملية “عاصفة الحزم” في اليمن عام 2015.
والثاني: رغم إشارة وزير الدفاع الباكستاني عاصم منير، إلى انفتاح البلدين على تأسيس “ناتو إسلامي” لمواجهة التحديات المشتركة، وأن الاتفاقية مفتوحة لانضمام دول أخرى، إلا أن التنوع الملحوظ في نظم التسليح العربية والإسلامية تمثل عائقاً كبيراً أمام توسيع نطاق التحالف الدفاعي، ناهيك عن تطبيقه العملي في السياق الباكستاني- السعودي في المقام الأول، كما أن اعتماد السعودية على نظم دفاع جوي أمريكية مثل صواريخ باتريوت الدفاعية ومقاتلات F-16 في مقابل الترسانة الباكستانية التي ترتكز على مقاتلات JF-17 Thunder الصينية وقدرات دفاع جوي صينية الصنع، يفرض تحديات كبيرة أمام هدف الاتفاق الدفاعي المتمثل في تعزيز القدرات التشغيلية البينية. بالتالي، فإن تطوير بروتوكولات التواصل وتمكين التناغم التسليحي ودعم البيانات العسكرية ستمثل المحددات الرئيسة لنجاح الاتفاق الدفاعي من عدمه.
والثالث: قد تؤثر الحساسيات الجيوسياسية على استدامة التحالف الدفاعي، مع وجود حاجة متبادلة لتعزيز التعاون السعودي-الباكستاني بمجال الدفاع، إلا أن طبيعة المناوشات الباكستانية-الهندية الدورية قد تلقي بظلالها على الالتزام السعودي بالاتفاق، بالأخص في ظل العلاقات الاقتصادية والدفاعية المتميزة بين الرياض ونيودلهي. على سبيل المثال، عُقد الاجتماع السابع للجنة الهندية السعودية المشتركة للتعاون الدفاعي (JCDC) في نيودلهي في أغسطس 2025، برئاسة مشتركة من مسؤولين من كلا البلدين، مؤكدين على تعميق التعاون الدفاعي مع التركيز على مجالات تشمل الشراكات الصناعية، والتعاون البحري، والتدريبات العسكرية المشتركة. ومن هنا، سيعتمد مستقبل الاتفاق على قدرة السعودية على موازنة علاقاتها مع كلٍ من باكستان والهند لضمان عدم الانجرار إلى صراع مسلح في جنوب آسيا.
والرابع: من المتوقع أن يؤثر التفاعل الأمريكي مع التطورات الإقليمية المتصاعدة على مستقبل هذه الشراكة الدفاعية، إن أي محاولات باكستانية جادة لمد المظلة النووية لتشمل الخليج أو مناطق نفوذ أمريكية تقليدية قد تؤدي إلى رد فعل عنيف من جانب واشنطن، ولقد تجلى ذلك بوضوح عند فرض إدارة بايدن عقوبات على كيانات باكستانية سبع مرات بين عامي 2021 و2025 بسبب مزاعم تطوير صواريخ باليستية؛ فأي خطوة تُلمح إلى بُعد نووي لدور باكستان في الشرق الأوسط قد تُؤدي إلى عواقب وخيمة.
وختاماً يمكن القول.. إن الاتفاق الدفاعي السعودي – الباكستاني يعكس تحوّلاً جوهريًا في إدراك الطرفين لمتغيرات البيئة الأمنية الإقليمية والدولية، فمن جهة يعبر الاتفاق عن تراجع الثقة الخليجية في الضمانات الأمريكية، في ظل محدودية استجابة واشنطن للتحديات الأمنية المتكررة في المنطقة، ومن جهة أخرى يمثل ردًا مباشرًا على التصاعد الواضح للتهديدات الإسرائيلية وتداعيات الشراكات العسكرية الهندية – الإسرائيلية، كما أن الجانب الاقتصادي في الاتفاق يُبرز الطابع المتعدد الأبعاد للعلاقات الثنائية، حيث يشكل الدعم السعودي لإسلام آباد رافعة مالية واستراتيجية في ظل أزماتها الداخلية، في مقابل ما تقدمه باكستان من خبرات وقدرات دفاعية نوعية.
وعلى الرغم من الطابع الاستراتيجي للاتفاق، فإن فعاليته المستقبلية ستتوقف على مدى قدرة الطرفين على تفعيل آليات واضحة للتعاون العسكري، وتجاوز إشكاليات التباين في أنظمة التسليح، فضلاً عن إدارة التوازنات الدقيقة مع القوى الإقليمية والدولية المنافسة، وفي مقدمتها الهند والولايات المتحدة. ومن هذا المنطلق، يمكن النظر إلى الاتفاق ليس فقط كترتيب ثنائي لتعزيز الردع، وإنما كبداية محتملة لإعادة هيكلة المنظومة الأمنية في الشرق الأوسط عبر صعود شراكات غير تقليدية، تعكس اتجاهاً نحو تنويع مصادر الأمن والدفاع بما يحد من الهيمنة الأمريكية ويزيد من هامش المناورة الاستراتيجية للدول الخليجية.
Tags: الأمن الإقليميالاتفاق الدفاعي السعودي – الباكستانيالرياض وإسلام آبادالسعودية وباكستانالمنظومة الأمنية الإقليميةمركز مساراتمركز مسارات للدراساتمركز مسارات للدراسات الاستراتيجيةمساراتمسارات للدراساتمسارات للدراسات الاستراتيجية
المنشور التالي

دلالات إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران في 2025: بين التصعيد النووي ومسارات الدبلوماسية

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

نشر حديثًا

مقالات الرأي

قراءة تحليلية في معركة الوعي الوطنية في ضوء ذكرى نصر أكتوبر العظيم

الدراسات الإيرانية

دلالات إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران في 2025: بين التصعيد النووي ومسارات الدبلوماسية

التقديرات

الاتفاق الدفاعي السعودي – الباكستاني: تراجع مركزية الغرب في معادلات الأمن الإقليمي

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي وإعادة تشكيل الهوية الثقافية في إفريقيا: بين الفرص التنموية وتحديات الهيمنة الرقمية

مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية

مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية هو مركز بحثي مستقل يُعنى بإعداد التقديرات الاستراتيجية والتحليلات المعمقة للقضايا الإقليمية والدولية ذات الصلة بالأمن القومي، والسياسات العامة، والعلاقات الدولية، يضم المركز نخبة من الباحثين والخبراء المتخصصين، ويهدف إلى دعم صانع القرار برؤى موضوعية ومبنية على معطيات دقيقة، في بيئة تتسم بتعقيد وتسارع التحولات.

اتصل بنا

  • شارع الماظة الرئيسى بالتقاطع مع شارع الثورة الرئيسى - مصر الجديدة
  • 01062042059 - 01080841505
  • [email protected]

النشرة البريدية

اشترك الآن في نشرتنا البريدية:

جميع الحقوق محفوظة © 2025 – مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية | تنفيذ ♡ Dotsmaker

No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • التقديرات
  • الإنذار المبكر
  • البرامج
    • الدراسات الإفريقية
    • الدراسات الفلسطينية- الإسرائيلية
    • الدراسات التركية
    • الدراسات الإيرانية
    • الدراسات الأذربيجانية
    • الاستراتيجيات والتخطيط
    • الإرهاب والتطرف
    • الطاقة
    • الذكاء الاصطناعي
    • الأمن السيبراني
    • التغير المناخي
    • السياسات العامة
  • المرصد
  • الإصدارات
  • الفعاليات
    • التدريب
    • ورش العمل
    • ندوات
  • نافذة مسارات
    • أخبار المركز
    • المركز في الإعلام
    • مقالات الرأي
    • انفوجراف
    • فيديوجراف
  • العربية