أصدر مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية دراسة جديدة بعنوان “الأسلحة الصغيرة والخفيفة وإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية للصراعات في إفريقيا”، والتي تشكل العدد الأول من سلسلة دراسات المركز الاستراتيجية، نظرًا لما تمثله هذه القضية من تهديد متصاعد للأمن والاستقرار في القارة.
وأشارت الدراسة إلى أن الانتشار الواسع للأسلحة الصغيرة والخفيفة يسهم بشكل مباشر في تأجيج النزاعات المسلحة، ويزيد من حدة الجرائم المنظمة والإرهاب، فضلًا عن انعكاساته السلبية على التنمية والاستقرار السياسي في العديد من الدول الإفريقية.
وتناولت الدراسة مسارات التهريب الرئيسية عبر الحدود الهشة، مع إبراز دور الشبكات غير النظامية والجماعات المسلحة في تغذية هذه الظاهرة، إلى جانب استعراض أبرز التحديات التي تواجه جهود الحكومات والاتحادات الإقليمية في ضبط تداول الأسلحة والحد من انتشارها.
وكشفت الدراسة عن عدد من النتائج المهمة، أبرزها:
وجود ما يقرب من 100 مليون قطعة سلاح صغير متداولة في القارة، معظمها خارج الأطر القانونية.
أن 80% من النزاعات المسلحة الداخلية في إفريقيا خلال العقدين الماضيين اعتمدت بشكل أساسي على هذه الأسلحة.
أن الحدود الهشة وضعف الرقابة الأمنية يمثلان العامل الأبرز في تسهيل عمليات التهريب والانتشار.
أن تجارة الأسلحة الصغيرة غير المشروعة تدر أرباحًا تقدر بمليارات الدولارات سنويًا، ما يجعلها أحد المصادر الرئيسة لتمويل الجماعات المسلحة والإرهابية.
أن برامج نزع السلاح السابقة في بعض الدول الإفريقية حققت نجاحًا محدودًا بسبب غياب خطط شاملة لإعادة دمج المقاتلين السابقين في المجتمع.
وأكدت الدراسة أن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب تبني مقاربة شاملة تقوم على تعزيز التعاون الإقليمي، وتشديد الرقابة على الحدود، ودعم مبادرات نزع السلاح وإعادة دمج المقاتلين السابقين في المجتمعات المحلية، بما يسهم في إرساء بيئة أكثر أمنًا واستقرارًا.
وأوضح مركز مسارات أن هذه الدراسة تأتي في إطار اهتمامه بتحليل القضايا الأمنية والاستراتيجية في القارة الإفريقية، وحرصه على تقديم بدائل عملية لصناع القرار تسهم في دعم الاستقرار والتنمية المستدامة، مشيرًا إلى أن هذا الإصدار يمثل الانطلاقة الأولى لسلسلة دراسات استراتيجية جديدة يصدرها المركز بشكل دوري.
و”دراسات مسارات” هي سلسلة غير دورية يصدرها مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية، وتهدف إلى تقديم معالجة معمقة لقضية واحدة في كل إصدار، عبر توظيف أدوات التحليل السياسي والاستراتيجي واستشراف الاتجاهات المستقبلية المرتبطة بها. تنبثق هذه الإصدارات من قناعة المركز بأهمية إنتاج معرفة تفسيرية واستشرافية تسهم في فهم التحولات البنيوية والراهنة في البيئة الإقليمية والدولية، وتدعم عملية صناعة القرار على أسس مدروسة. تسعى “دراسات مسارات” إلى تجاوز التوصيف السطحي للأحداث، بالتركيز على تحليل السياقات الكلية، ورصد التفاعلات المؤثرة، وتقديم سيناريوهات ممكنة للمآلات المستقبلية، بما يجعلها إضافة نوعية في حقل الدراسات السياسية والاستراتيجية.