• من نحن
  • النشرة البريدية
  • اتصل بنا
  • سياسة الخصوصية
  • الرئيسية
  • التقديرات
  • الإنذار المبكر
  • البرامج
    • الدراسات الإفريقية
    • الدراسات الفلسطينية- الإسرائيلية
    • الدراسات التركية
    • الدراسات الإيرانية
    • الدراسات الأذربيجانية
    • الاستراتيجيات والتخطيط
    • الإرهاب والتطرف
    • الطاقة
    • الذكاء الاصطناعي
    • الأمن السيبراني
    • التغير المناخي
    • السياسات العامة
  • المرصد
  • الإصدارات
  • الفعاليات
    • التدريب
    • ورش العمل
    • ندوات
  • نافذة مسارات
    • أخبار المركز
    • المركز في الإعلام
    • مقالات الرأي
    • انفوجراف
    • فيديوجراف
  • العربية

لا توجد منتجات في سلة المشتريات.

No Result
View All Result
مركز مسارات
الرئيسية التقديرات

لماذا تتمدد أذربيجان طاقويًا في شرق المتوسط؟

أحمد فهمي بواسطة أحمد فهمي
يوليو 2, 2025
في التقديرات
0
0
مشاركة
94
مشاهدة
Share on FacebookShare on Twitter

يشهد شرق البحر المتوسط تحولات جيوسياسية وجيواقتصادية متسارعة، في ظل تصاعد التنافس بين القوى الإقليمية على موارد الطاقة. وفي الآونة الأخيرة، برزت أذربيجان – الدولة الغنية بالنفط والغاز في منطقة القوقاز – كشريك غير تقليدي في معادلة الطاقة بالمنطقة، من خلال استثماراتها في حقول الغاز الإسرائيلية ومشاركتها في مشروعات البنية التحتية الإقليمية، وتُعد الخطوة الأبرز في هذا السياق توقيع شركة “سوكار” (SOCAR) الأذربيجانية اتفاقًا مع وزارة الطاقة الإسرائيلية في مارس 2025، حصلت بموجبه على أول رخصة للتنقيب عن الغاز خارج الحدود الأذربيجانية، وذلك في المياه الاقتصادية لإسرائيل.

وقد أثار هذا التطور تساؤلات حول دوافع أذربيجان وخططها المستقبلية، فضلًا عن تداعياته المحتملة على دول شرق المتوسط، وعلى رأسها مصر باعتبارها فاعلًا رئيسيًا في سوق الغاز الإقليمي، وتهدف هذه الورقة إلى تقييم أبعاد ودوافع الحضور الأذربيجاني المتنامي في قطاع الطاقة بشرق المتوسط، كما تسعى إلى طرح مجموعة من المسارات المقترحة للتعامل مع هذا المتغير، بما يعزز فرص التعاون، ويحد من احتمالات التنافس أو التهميش، وذلك في إطار المصالح الوطنية ومحددات الأمن القومي المصري.

أولاً: أذربيجان والطاقة

تُعد أذربيجان لاعبًا إقليميًا بارزًا في مجال الطاقة، إذ تمتلك احتياطيات كبيرة من النفط والغاز في منطقة بحر قزوين، وقد شكلت الصناعة النفطية عماد الاقتصاد الأذربيجاني لعقود، حيث تسهم بنحو نصف الناتج المحلي ونسبة مماثلة من إيرادات الموازنة، واعتمدت باكو – منذ استقلالها عن الاتحاد السوفيتي – استراتيجية تنويع خطوط الأنابيب لتأمين تصدير مواردها إلى الأسواق العالمية بعيدًا عن النفوذ الروسي.

ويُعد خط أنابيب باكو–تبليسي–جيهان (BTC) من أبرز هذه الخطوط، إذ ينقل النفط الأذربيجاني إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط، ويُعد مصدرًا رئيسيًا لإيرادات الدولة، كما أنشأت باكو بالتعاون مع تركيا وجورجيا، ممر الغاز الجنوبي (Southern Gas Corridor) الذي ينقل الغاز الأذربيجاني إلى أوروبا عبر خطي (TANAP) عبر تركيا و(TAP) نحو اليونان وأوروبا. كذلك وبسبب الحرب المستمرة في أوكرانيا منذ عام 2022 وسعي أوروبا الحثيث لتنويع مصادر إمدادات الطاقة بعيدًا عن روسيا، ازدادت أهمية أذربيجان بوصفها بديلًا موثوقًا، وفي هذا السياق وقعت باكو والاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم لرفع صادرات الغاز الأذربيجاني إلى أوروبا إلى 20 مليار متر مكعب سنويًا بحلول عام 2027، وهو ما يزيد على ضعف المستوى السابق.

ضمن هذه الخلفية، نسجت أذربيجان أيضًا علاقات طاقة خاصة مع إسرائيل منذ تسعينيات القرن الماضي، فعلى الرغم من البُعد الجغرافي والاختلاف الثقافي، أصبحت باكو المورد الأكبر للنفط إلى إسرائيل، حيث تؤمن ما يزيد على 60% من واردات إسرائيل النفطية، وقد خدم هذا الاعتماد المتبادل مصالح الطرفين، إذ ضمنت إسرائيل مصدرًا مستقرًا للنفط، في المقابل حصلت أذربيجان على أسلحة وتكنولوجيا متطورة من إسرائيل مما عزز قدراتها الدفاعية.

وقد تطورت الشراكة الاستراتيجية بين البلدين لتشمل مجالات متعددة، مثل الدفاع والأمن السيبراني والزراعة وغيرها، وتُوج هذا التعاون بافتتاح سفارة أذربيجان في تل أبيب عام 2023، بعد ثلاثين عامًا من العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، وأصبحت الطاقة إحدى الركائز الأساسية للعلاقة الأذرية–الإسرائيلية؛ حيث اتجهت أنظار باكو مؤخرًا إلى قطاع الغاز الإسرائيلي المزدهر، بوصفه واجهة جديدة للتعاون بين الطرفين.

ثانيًا: أبعاد التمدد الأذري في شرق المتوسط:

مع دخول منتصف عقد 2020، بدأ التمدد الأذربيجاني في قطاع الطاقة بشرق المتوسط يتجلى في خطوات عملية واضحة، يمكن رصد عدة أبعاد لها:

  1. الاستثمار في حقول الغاز: بعد سنوات من تعاون محدود في مجال الطاقة، حققت أذربيجان اختراقًا نوعيًا بدخولها شريكًا في حقول غاز شرق المتوسط، إذ أعلنت شركة النفط الحكومية الأذرية “سوكار” (SOCAR) في فبراير 2025، الاستحواذ على حصة بنسبة 10% في حقل الغاز البحري الإسرائيلي “تمار”، ثاني أكبر الحقول البحرية الإسرائيلية، باحتياطي يُقدر بنحو 10 تريليونات قدم مكعب، وتنتج إسرائيل من هذا الحقل نحو 10 مليارات متر مكعب سنويًا، تُستخدم محليًا وتُصدر إلى كل من الأردن ومصر، وقد بلغت قيمة الصفقة نحو 1.25 مليار دولار، ما عمق حضور أذربيجان في صلب معادلة الغاز في شرق المتوسط، كما صرحت “سوكار” أن هذه الخطوة تأتي ضمن استراتيجيتها للتوسع الدولي، من خلال شراء حصص في أصول استراتيجية خارج البلاد لتعزيز بصمتها الإنتاجية، وهي بذلك تسجل أول دخول لها في قطاع الغاز خارج أذربيجان.
  2. المشاركة في التنقيب البحري: إلى جانب الاستثمار في الحقول المنتجة، انخرطت أذربيجان في مشروعات استكشاف لتعزيز حضورها المستقبلي، ففي أكتوبر 2023 فاز ائتلاف يضم “سوكار” و”بي بي” البريطانية و”نيومِد إنرجي” الإسرائيلية برخصة للتنقيب عن الغاز في المياه الاقتصادية الإسرائيلية، في منطقة محددة تسمى (Cluster I) وهي منطقة استكشاف بحرية حددتها وزارة الطاقة الإسرائيلية، تقع شمال حقل “ليفياثان” العملاق وتمتد على مساحة تُقدر بنحو 1700 كيلومتر مربع، في أقصى شمال المنطقة الاقتصادية الإسرائيلية، ورغم أن اندلاع حرب غزة عام 2023 أدى إلى تجميد المشروع مؤقتًا، فإن بيانات مشتركة إسرائيلية–أذرية أكدت استئناف التنفيذ، وتُعد هذه الخطوة سابقة مهمة إذ إنها المرة الأولى التي تدخل فيها شركة أذربيجانية قطاع الغاز الإسرائيلي بهذا العمق، بما يعكس الثقة المتبادلة والعلاقات القوية التي بُنيت بين الطرفين على مدى عقود.
  3. دور الوسيط في مشاريع البنية التحتية: يتعدى التمدد الأذري مجرد الاستثمار المالي، ليشمل بُعدًا دبلوماسيًا/لوجستيًا هامًا وهو الوساطة في ربط شبكات الغاز، فأذربيجان بحكم علاقاتها الوثيقة بكل من تركيا وإسرائيل، مؤهلة للعب دور الجسر بينهما في مشاريع نقل الغاز، برز ذلك في السعي إلى ربط احتياطيات شرق المتوسط بممر الغاز الجنوبي؛ إذ أبدت باكو منذ 2021 تطلعها لتوسيع ممرها ليشمل غاز إسرائيل وشرق المتوسط ضمن المرحلة التالية للمشروع، وتزايد هذا التوجه مع تحسن العلاقات التركية-الإسرائيلية نسبيًا آنذاك، حيث يمكن نظريًا نقل الغاز الإسرائيلي عبر الأنابيب إلى تركيا ثم ضخه في شبكة TANAP الأذرية وصولاً إلى أوروبا، وهنا تستطيع أذربيجان تقديم حلقة وصل موثوقة، فهي حليف لأنقرة وشريك موثوق لتل أبيب، مما يسمح لها بالتوسط لتجاوز حساسيات الماضي، وتحقيق تكامل في البنية التحتية الطاقوية.
  4. الدعم السياسي للمواقف التركية في شرق المتوسط: في بُعد آخر، دعمت أذربيجان حليفتها تركيا في مواقفها المتعلقة بشرق المتوسط، فعندما تصاعد الخلاف التركي مع اليونان وقبرص حول ترسيم الحدود البحرية والتنقيب خلال (2019-2020)، حظيت أنقرة بمساندة باكو سياسيًا ودبلوماسيًا باعتبارهما “أمة واحدة في دولتين”، ورغم أن أذربيجان لم تنخرط مباشرة في نزاعات شرق المتوسط، إلا أن تحالفاتها مع تركيا وإسرائيل تكشف حرصها على تشكيل توازنات إقليمية تصب في مصلحتها ومصلحة حلفائها، ويمكن اعتبار التعاون الطاقوي جزءًا من هذه التحالفات، حيث يوفر لأذربيجان أوراق ضغط ناعمة ونفوذًا هادئًا في قضايا المنطقة.

ثالثًا: دوافع التمدد الطاقوي الأذري:

تقف عدة عوامل ودوافع خلف التوسع الأذربيجاني في قطاع الطاقة بشرق المتوسط، ويمكن تلخيص أبرزها فيما يلي:

  1. تنويع الأسواق والموارد: تسعى أذربيجان إلى تنويع محفظتها الطاقوية عالميًا وعدم الاعتماد فقط على حقولها المحلية في بحر قزوين، حيث أن الاستثمار في حقول الغاز الإسرائيلية يمنح سوكار مصدرًا إضافيًا للإنتاج خارج حدودها لأول مرة، مما يعزز أمنها الاقتصادي على المدى البعيد، كما يُتيح ذلك لباكو الوصول إلى أسواق شرق المتوسط المزدهرة في تجارة الغاز، والتي باتت تجذب اهتمامًا عالميًا منذ 2010.
  2. تعظيم العوائد الاقتصادية: يأتي هذا التمدد في ظل ارتفاع أسعار الغاز عالميًا، ما يعني أن أي حصة إنتاج إضافية ستكون عالية الربحية، وتُدرك أذربيجان أن الاستثمار في حقول مثل “تمار” سيعود عليها بعوائد مالية مجزية، سواء من خلال بيع الغاز بعقود إقليمية، أو من فرص تصدير مستقبلية إلى أوروبا، إضافة إلى ذلك فإن مشاركة أذربيجان في مشاريع البنية التحتية بشرق المتوسط، مثل خطوط الأنابيب أو منشآت تسييل الغاز (LNG)، قد تتيح لها نصيبًا من رسوم العبور أو التسييل، ما يوسع حصتها من سلسلة القيمة في قطاع الطاقة.
  3. تلبية التزاماتها تجاه أوروبا: تخطط أذربيجان لزيادة صادراتها من الغاز إلى أوروبا بشكل كبير لتصل إلى 20 مليار متر مكعب سنويًا بحلول عام 2027، استجابة للطلب الأوروبي المتزايد على الغاز غير الروسي، إلا أن الاحتياطيات الأذربيجانية وحدها قد لا تكفي لتحقيق هذا الهدف الطموح، ما يجعل دمج غاز شرق المتوسط في ممر الغاز الجنوبي حلًا عمليًا لتعزيز الإمدادات، وقد صرح مسؤولون في شركة “سوكار” بأن هناك خطة مستقبلية لاستقبال كميات من غاز شرق المتوسط – بما في ذلك من إسرائيل – لضخها عبر البنية التحتية القائمة باتجاه البلقان وأوروبا، وبهذا تنظر باكو إلى غاز شرق المتوسط ليس كمنافس، بل كمكمل يمكن أن يساعدها على الوفاء بالتزاماتها الدولية وتعزيز مكانتها كمورد رئيسي للغاز إلى أوروبا.
  4. تعزيز التحالفات الإستراتيجية: يتقاطع التمدد الطاقوي الأذري مع أهداف سياسية وتحالفية، إذ يُسهم الاستثمار في قطاع الطاقة الإسرائيلي في توطيد تحالف باكو مع تل أبيب في مرحلة حساسة تمر بها المنطقة، وقد أثبتت أذربيجان نفسها كحليف استراتيجي لإسرائيل، وتُسهم الشراكة الطاقوية في ربط مصالح البلدين بشكل أوثق ضمن إطار طويل الأمد، وبالتوازي يحقق هذا التقارب مكاسب لتركيا أيضًا، التي يمكن أن تستفيد من أي مشاريع لربط البنية التحتية أو تدفقات الغاز عبر أراضيها.
  5. دور الوسيط الإقليمي وحلقة الوصل: بفضل علاقاتها الجيدة مع أطراف متعددة في المنطقة، ترى أذربيجان فرصة للعب دور الوسيط في صفقات الغاز الإقليمية المعقدة، ويُحتمل أن يسهل وجودها كشريك قبول تفاهمات كان يصعب تحقيقها دون طرف ثالث محايد، مثل مشروع خط الغاز بين إسرائيل وتركيا الذي تعثر طويلًا بسبب انعدام الثقة. أما اليوم، فإن دخول “سوكار” كشريك “مقبول من الجميع” قد يعيد إحياء هذه المشاريع، وهذا الدور يمنح أذربيجان نفوذًا دبلوماسيًا أكبر في المنطقة، ويكسبها ثقة القوى الكبرى – كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي – التي تدعم تكامل أسواق الطاقة الإقليمية كجزء من إستراتيجية أمن الطاقة.
  6. التحوط من المنافسين الإقليميين: تنظر إيران بعين الريبة إلى العلاقات الأذرية–الإسرائيلية، وترى في توسع باكو في شراكتها مع تل أبيب في شرق المتوسط رسالة تحدٍ مفادها أن أذربيجان ماضية في تعزيز نفوذها الإقليمي، كما أن روسيا قد لا يروق لها تنامي دور أذربيجان كمعبر محتمل لغاز شرق المتوسط إلى أوروبا، لما قد يشكله ذلك من منافسة مباشرة للغاز الروسي، من هذا المنطلق تسعى باكو إلى ترسيخ موطئ قدم لها في المنطقة، لقطع الطريق أمام أي محاولة روسية أو إيرانية أو من منافسين آخرين محتملين، لفرض هيمنتهما على ترتيبات تصدير غاز شرق المتوسط مستقبلًا.

المسارات المستقبلية:

نظراً للمعطيات الحالية، يمكن رسم ملامح عدد من المسارات المستقبلية المحتملة للتمدد الأذربيجاني في قطاع الطاقة بشرق المتوسط خلال السنوات القليلة المقبلة، على النحو التالي:

  1. تكامل أكبر بين شبكات الغاز: من المتوقع أن تسعى أذربيجان إلى تسريع ربط غاز شرق المتوسط بممر الغاز الجنوبي بشكل عملي، وقد نشهد – في حال تحسن العلاقات بين تركيا وإسرائيل – إحياء مشروع خط الأنابيب البحري المباشر الذي يربط حقول الغاز الإسرائيلية بالساحل التركي، وهو مشروع طُرح لأول مرة عام 2015، وأصبح اليوم أكثر قابلية للتحقيق بوجود طرف موثوق مثل “سوكار” يتولى تشغيله. بديل آخر يتمثل في استخدام “خط الأنابيب العربي” الممتد من مصر عبر الأردن وسوريا إلى تركيا، والذي يمكن أن يُستخدم لربط إسرائيل بتركيا عبر البر، إذا ما سُمح بتشغيله باتجاه الشمال، ويمثل هذا أحد الرؤى المستقبلية لتعزيز الترابط الإقليمي، شريطة توافر الظروف السياسية الملائمة.
  2. توسع استثمارات “سوكار” في المنطقة: من المرجح ألا تقتصر استثمارات أذربيجان على حقل “تمار” فقط، فإذا نجحت التجربة فقد تسعى “سوكار” إلى اقتناص حصص في حقول أخرى مثل “ليفياثان” أكبر الحقول الإسرائيلية، أو ربما التقدم بعروض لتطوير حقول قبرصية كـ”أفروديت” بالتعاون مع شركات دولية، إذا سمحت الظروف السياسية بذلك، وقد تمتد أنشطة “سوكار” أيضًا إلى قطاع Downstream في شرق المتوسط، من خلال الاستثمار في محطات تسييل الغاز (LNG) أو شبكات التوزيع المحلية، بما يعزز حضورها المتكامل في سلسلة القيمة لقطاع الطاقة.
  3. ديناميكيات جديدة في منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF): تأسس المنتدى بقيادة مصر لتعزيز التعاون في استغلال موارد شرق المتوسط، لكن دخول أذربيجان – رغم كونها ليست دولة متوسطية – قد يخلق معادلة جديدة، وقد يُطرح منحها صفة “مراقب رسمي” كما حدث مع فرنسا والإمارات، في إطار السعي إلى دمجها ضمن الترتيبات الإقليمية بدل تركها تعمل بمعزل عنها. وفي حال تحقق ذلك، فقد يشهد المنتدى توسعًا ليشمل قضايا الربط مع آسيا الوسطى ومنطقة البحر الأسود، ما يرفع من أهميته الدولية، أما إذا بقيت باكو خارج هذه المعادلة، فقد يتشكل تكتل موازٍ بقيادة أذربيجان وتركيا وإسرائيل للتنسيق بشأن تصدير الغاز إلى أوروبا، وهو ما سيخلق حالة من التنافس بين مسارين إقليميين.
  4. توازنات إقليمية مستجدة: إذا تمكنت أذربيجان من تهيئة أرضية لتحالف طاقوي محتمل يجمعها بتركيا وإسرائيل لتنفيذ مشاريع كبرى لنقل الغاز، فإن ذلك قد يعيد رسم توازنات القوى في شرق المتوسط. فعلى سبيل المثال، قد يتراجع وزن مشروع “إيست ميد” (EastMed)، الذي يربط إسرائيل بقبرص واليونان، لصالح محور جديد محتمل يمر عبر الأراضي التركية. في السياق ذاته، ستراقب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هذه التطورات عن كثب؛ فإذا رأت واشنطن أن إشراك أذربيجان يعزز الاستقرار الإقليمي ويحد من النفوذ الروسي، فقد تدعم هذا التوجه وربما تسهم في تمويل بعض مشاريع البنية التحتية، أما إذا تبين أن ذلك قد يسبب توترات جديدة، فقد تتحرك الدبلوماسية الأميركية كبح بعض جوانبه للحفاظ على توازن العلاقات بين حلفائها.

مقاربات استراتيجية لمستقبل التعاون المصري-الأذربيجاني في شرق المتوسط:

في ضوء التمدد المتصاعد للدور الأذربيجاني في مشهد الطاقة بشرق المتوسط، وتنامي ارتباطه بمشروعات تصدير الغاز نحو أوروبا، تبرز فرص نوعية أمام صانع القرار المصري لإعادة تموضع استراتيجي يحقق منافع مشتركة ويحد من التحديات المحتملة. ومن هذا المنطلق، يمكن اقتراح عدد من المقاربات الاستراتيجية التي تعزز آفاق التعاون المصري-الأذربيجاني في المنطقة:

  1. الاندماج الإقليمي من بوابة التعاون مع باكو: يُعد دمج أذربيجان في ترتيبات التعاون الإقليمي خيارًا استراتيجيًا لتقليل فرص التنافس وتعظيم المكاسب المشتركة، حيث يمكن لمصر أن تبادر بدعوة باكو كعضو مراقب في منتدى غاز شرق المتوسط، تمهيدًا لتنسيق أوسع في مسارات تصدير الغاز، بما يضمن استمرار دور مصر كمركز إقليمي لتسييل الغاز حتى في حال تنوع خطوط التصدير عبر تركيا.
  2. توسيع الشراكات الثنائية متعددة المسارات: من الأهمية تطوير شراكات مرنة مع أذربيجان تتجاوز قطاع الغاز التقليدي، وتشمل مجالات واعدة مثل الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، وهو ما يتماشى مع توجهات باكو المستقبلية، كما أن تعميق التقارب المصري-التركي يعزز موقع القاهرة التفاوضي في أي ترتيبات طاقوية ثلاثية محتملة (مصر-تركيا-أذربيجان).
  3. إجراء مراجعة فنية واقتصادية استباقية: في ضوء الحديث عن خطوط جديدة مثل خط الغاز بين إسرائيل وتركيا، من المهم أن تجري مصر مراجعة فنية واقتصادية لتقدير تأثير تلك التحولات على العقود الحالية لتسييل الغاز، وإذا تبين وجود تأثير سلبي محتمل، يمكن لمصر أن تسعى للحصول على امتيازات تعويضية، مثل حصة في المشاريع الجديدة أو ترتيبات توريد غاز أذري بأسعار تفضيلية، إلى جانب الاستمرار في تحديث محطات التسييل الوطنية للحفاظ على تنافسيتها.
  4. اقتراح آلية إقليمية مشتركة لأمن الطاقة: بالنظر إلى التهديدات الأمنية المحتملة لمنشآت وخطوط الطاقة في شرق المتوسط، بما في ذلك إمكانية تحرك جهات إقليمية أو دولية محرضة على تنفيذ عمليات تخريبية ضد منشآت الغاز، يمكن لمصر أن تقود مبادرة لتأسيس آلية إقليمية تُعنى بتأمين البنية التحتية الطاقوية وتعزيز التنسيق الأمني بين الفاعلين الرئيسيين في المنطقة، وتهدف هذه الآلية إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية والتنسيق الأمني لحماية المشاريع المشتركة من أي أعمال تخريبية أو تهديدات سيبرانية.
  5. الاستفادة من الدعم الدولي للتكامل الإقليمي: تشكل البيئة الدولية الحالية فرصة مناسبة لحشد دعم أوروبي ودولي للمشروعات التكاملية في شرق المتوسط، حيث أن تواجد أذربيجان كشريك استثماري في هذه المشروعات يعزز فرص التمويل، بالنظر إلى سجلها الناجح في تطوير بنى تحتية طاقوية مثل خطوط الغاز العابرة للحدود، ما يمكن البناء عليه في تطوير مشاريع إقليمية طموحة تخدم مصالح مصر وباقي الشركاء.

الاستنتاج النهائي:

شكل انخراط أذربيجان في معادلة الطاقة بشرق المتوسط تحولًا مهمًا في المشهد الإقليمي، إذ لم تعد “لعبة الغاز المتوسطية” حكرًا على دول المنطقة وشركات الطاقة الغربية، بل دخلت باكو كلاعب طموح يحمل مزيجًا من الخبرات التقنية في استغلال موارد بحر قزوين، وخبرة دبلوماسية في إدارة التوازنات بين القوى الإقليمية والدولية، ويعكس هذا التمدد – في أحد أبعاده – ملامح النظام الإقليمي الجديد الذي تبلور تدريجيًا في مرحلة ما بعد الربيع العربي والحرب الأوكرانية، حيث باتت التحالفات المرنة والتقاطع حول المصالح الاقتصادية، لا سيما في قطاع الطاقة، تتجاوز الانقسامات الأيديولوجية والجغرافية التقليدية.

في هذا السياق، يطرح الحضور الأذربيجاني المتصاعد في شرق المتوسط تساؤلات جوهرية أمام الدول المعنية، وعلى رأسها مصر، بشأن كيفية التعاطي مع هذا الدور المستجد، فبينما لا تُعد أذربيجان خصمًا مباشرًا في المعادلة، فإن تجاهل تحركاتها قد ينطوي على تحديات مستقبلية، خاصة في ظل احتمال توجهها نحو تشكيل محاور تعاون طاقوي تمتد من إسرائيل إلى تركيا، وانخراطها المحتمل في إعادة إعمار البنية التحتية للطاقة في سوريا، وما قد يترتب على ذلك من إعادة رسم لخريطة النفوذ الإقليمي.

وبالنظر إلى الموقع المصري المحوري في منظومة الطاقة الإقليمية، فإن طبيعة الدور الأذري تحمل أبعادًا مزدوجة. فمن جهة، يمكن لمصر أن تستفيد من الانفتاح على شراكات مع باكو، بما يُعزز مكانتها كمركز إقليمي لتسييل الغاز ويوسع من قاعدة التعاون الاقتصادي. ومن جهة أخرى، تظل هناك اعتبارات مشروعة تتعلق بالحفاظ على دور مصر التقليدي في البنية التحتية الطاقوية، لا سيما في ظل احتمالات تفعيل مسارات بديلة.

وبناءً على ما سبق، فإن التقدير الراجح يدعو إلى التعامل مع التواجد الأذري باعتباره فرصة قابلة للتوظيف، لا مصدر تهديد مباشر، مع ضرورة توجيه التحولات الجارية نحو مسارات تكامل تعزز الاستقرار والمصالح المشتركة، بدل أن تتحول إلى محاور تنافسية تخلق واقعًا إقليميًا أكثر تعقيدًا. ومن هذا المنطلق، يُمكن تحويل انخراط أذربيجان إلى عنصر داعم للاستقرار والتعاون، وذلك من خلال سياسات مرنة تستوعب التحولات وتوظفها لصالح الدور المصري في شرق المتوسط.

Tags: BTCEMGFSOCARSouthern Gas CorridorTANAPTAPأحمد فهميأذربيجانأمة واحدة في دولتينٌإسرائيلالتنقيب البحريالطاقةالعلاقات الأذربيجانية-الإسرائيليةالعلاقات التركية-الإسرائيليةالغازالمياه الاقتصاديةباكوتركياتمارحقول الغازسوكارشرق المتوسطليفياثانمركز مساراتمركز مسارات للدراساتمركز مسارات للدراسات الاستراتيجيةمسارات للدراساتمسارات للدراسات الاستراتيجيةمعادلة الطاقةمنتدى غاز شرق المتوسطميناء جيهان التركي
المنشور التالي

رؤى إيرانية- رؤية الصحف ومراكز الفكر الإيرانية لمستقبل طهران في مرحلة ما بعد الحرب مع إسرائيل

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

نشر حديثًا

الدراسات الفلسطينية- الإسرائيلية

هل تشكل حرب غزة منعطفًا في مسار تسليح إسرائيل؟

المرصد

مطرقة منتصف الليل: ما هي القاذفة الشبحية B-2 التي استُخدمت في الهجوم الأمريكي على منشآت إيران النووية؟

انفوجراف

إنفوجراف | 🇪🇬🇳🇱 فرص مصر للاستفادة من الاستراتيجية الهولندية تجاه إفريقيا

التقديرات

هل بات التطبيع بين سوريا وإسرائيل احتمالًا واقعيًا؟

مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية

مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية هو مركز بحثي مستقل يُعنى بإعداد التقديرات الاستراتيجية والتحليلات المعمقة للقضايا الإقليمية والدولية ذات الصلة بالأمن القومي، والسياسات العامة، والعلاقات الدولية، يضم المركز نخبة من الباحثين والخبراء المتخصصين، ويهدف إلى دعم صانع القرار برؤى موضوعية ومبنية على معطيات دقيقة، في بيئة تتسم بتعقيد وتسارع التحولات.

اتصل بنا

  • شارع الماظة الرئيسى بالتقاطع مع شارع الثورة الرئيسى - مصر الجديدة
  • 01062042059 - 01080841505
  • [email protected]

النشرة البريدية

اشترك الآن في نشرتنا البريدية:

جميع الحقوق محفوظة © 2025 – مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية | تنفيذ ♡ Dotsmaker

No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • التقديرات
  • الإنذار المبكر
  • البرامج
    • الدراسات الإفريقية
    • الدراسات الفلسطينية- الإسرائيلية
    • الدراسات التركية
    • الدراسات الإيرانية
    • الدراسات الأذربيجانية
    • الاستراتيجيات والتخطيط
    • الإرهاب والتطرف
    • الطاقة
    • الذكاء الاصطناعي
    • الأمن السيبراني
    • التغير المناخي
    • السياسات العامة
  • المرصد
  • الإصدارات
  • الفعاليات
    • التدريب
    • ورش العمل
    • ندوات
  • نافذة مسارات
    • أخبار المركز
    • المركز في الإعلام
    • مقالات الرأي
    • انفوجراف
    • فيديوجراف
  • العربية