• من نحن
  • النشرة البريدية
  • اتصل بنا
  • سياسة الخصوصية
  • الرئيسية
  • التقديرات
  • الإنذار المبكر
  • البرامج
    • الدراسات الإفريقية
    • الدراسات الفلسطينية- الإسرائيلية
    • الدراسات التركية
    • الدراسات الإيرانية
    • الدراسات الأذربيجانية
    • الاستراتيجيات والتخطيط
    • الإرهاب والتطرف
    • الطاقة
    • الذكاء الاصطناعي
    • الأمن السيبراني
    • التغير المناخي
    • السياسات العامة
  • المرصد
  • الإصدارات
  • الفعاليات
    • التدريب
    • ورش العمل
    • ندوات
  • نافذة مسارات
    • أخبار المركز
    • المركز في الإعلام
    • مقالات الرأي
    • انفوجراف
    • فيديوجراف
  • العربية

لا توجد منتجات في سلة المشتريات.

No Result
View All Result
مركز مسارات
الرئيسية الإنذار المبكر

من المتضرر إلى الفاعل: كيف تتحرك أفريقيا بعد فشل الحلول العالمية لأزمة المناخ؟

إيمان الشعراوي بواسطة إيمان الشعراوي
يونيو 30, 2025
في الإنذار المبكر
0
0
مشاركة
129
مشاهدة
Share on FacebookShare on Twitter

رغم مرور عقود من انطلاق الجهود الدولية لمجابهة تحديات التغير المناخي، إلا أن الواقع القائم يشير إلى محدودية فعالية هذه الجهود، لا سيما من حيث الالتزام المالي والتقني للدول الصناعية تجاه الدول النامية، فعلى الرغم من التصاعد الخطابي في مؤتمرات المناخ والاتفاقيات متعددة الأطراف، ما تزال الفجوة بين الالتزامات المعلنة والتنفيذ الفعلي تتسع، ما يثير تساؤلات حول جدوى الإطار العالمي القائم في ضمان العدالة المناخية.

في هذا السياق، تبدو القارة الإفريقية في موقع الهشاشة الأعلى، إذ تتحمل تبعات الأزمة المناخية بدرجة تفوق قدرتها المؤسسية والاقتصادية على الاستجابة، بالرغم من مساهمتها المحدودة في مسبباتها، ومع تنامي الظواهر المناخية المتطرفة وتزايد وتيرة الكوارث البيئية مثل الجفاف والفيضانات وتهديد غرق بعض السواحل، باتت المخاطر المناخية تشكل تهديدًا مباشرًا لأمن واستقرار عدد من دول القارة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية.

تستعرض هذه الورقة تطور الجهود الدولية في مواجهة التغير المناخي، وتُبرز أسباب قصورها في تحقيق العدالة المناخية، لا سيما تجاه إفريقيا. كما توجه إنذارًا مبكرًا للدول الإفريقية من تفاقم المخاطر المناخية، وتقدم مسارات استراتيجية لتعزيز قدرتها التفاوضية وبناء استجابات داخلية أكثر فاعلية واستدامة.

أولًا: اتفاقيات المناخ العالمية: مسيرة طويلة من الوعود

 في المؤتمر العالمي الأول المعني بالبيئة في ستوكهولم 1972، على الرغم أن هذا المؤتمر لم يهدف، في الأساس، إلى التعامل مع أزمة تغير المناخ، إلا أنه يعد  أول مؤتمر عالمي يجعل البيئة قضية رئيسية، وكان بداية الحوار بين الدول الصناعية والدول النامية حول الصلة بين النمو الاقتصادي وتلوث الهواء والماء والمحيطات والآبار ورفاه الناس في جميع أنحاء العالم، وكان إحدى نتائجه الرئيسية إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب).[1]

ومع تطور علوم المناخ ابتداءً من ثمانينات القرن العشرين، بناءً على التقدم في النمذجة العددية والتصوير عبر الأقمار الصناعية  انشأت الأمم المتحدة عام 1988 الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، ويتمثل دورها في إعداد ونشر التقارير التي تقدم صورة واضحة وحديثة عن الحالة الراهنة للمعرفة العلمية المتعلقة بتغير المناخ.[2]

وفي عام 1987 تم توقيع بروتوكول مونتريال وعلى الرغم من أنه لم يكن يهدف إلى معالجة تغير المناخ، إلا أنه كان بمثابة اتفاق بيئي تاريخي أصبح نموذجًا للدبلوماسية المستقبلية بشأن هذه القضية. وصدقت كل دولة في العالم في النهاية على المعاهدة، التي تطلب منها التوقف عن إنتاج المواد التي تضر بطبقة الأوزون، مثل مركبات الكلوروفلوروكربون (CFCs). ومع  كل هذه الجهود لم يكن التغير المناخي قضية مركزية ، إلا أنه في عام 1992 بدأت الاستجابة الدولية بشكل أكبر، وبداية التعامل مع التغير المناخي بشكل صريح في ريو دي جانيرو البرازيل، في قمة الأرض الثانية. وفي أعقاب المؤتمر، وقعت 166 دولة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ والتي تعترف بدور البشرية في ظاهرة الانحباس الحراري العالمي، كما أنشأت هذه الاتفاقية منتدى سنويًّا، يُعرف باسم مؤتمر الأطراف أو “كوب COP””.[3]

ولأول مرة من الناحية القانونية يوجد اتفاق مناخي دولي ملزم ، وهو بروتوكول كيوتو الذي تم تبنيه في عام 1997، ودخل حيز التنفيذ في عام 2005، والذي ألزم الدول الصناعية بخفض الانبعاث الكلي للغازات بمقدار 5.2 مقارنة بعام 1999، إلا أن هذا البروتوكول واجه عدد من الصعوبات أبرزها عدم تصديق الولايات المتحدة الأمريكية على البروتوكول ثم الانسحاب منه، وذلك لأن الدول النامية، بما في ذلك الدول الرئيسية المسببة لانبعاثات الكربون في الفترة الأخيرة، مثل الصين والهند، لم تتخذ أية إجراءات من أجل خفض هذه الانبعاثات.[4]

ولأول مرة في التاريخ. يحدد اتفاق باريس عام 2015 هدف الحد من الانحباس الحراري العالمي بحيث لا يتجاوز درجتين مئويتين في هذا القرن. ويعترف بحاجة الدول المتقدمة إلى تقديم الدعم المالي ونقل التكنولوجيا إلى الدول النامية. ويؤكد الاتفاق كذلك على أهمية الدور الذي تلعبه ليس فقط الدول، ولكن أيضًا المدن والمناطق والشركات والأفراد في تحقيق هذا التحول، بالشكل الذي تم وصفه بأنه الأكثر أهمية حتى الآن في الجهود الدولية لمواجهة تغير المناخ.[5]

وخلال مؤتمرات المناخ التي تعقد سنويًا تم تحقيق عدد من الإنجازات فيما يتعلق بالتغير المناخي، مثل الالتزام التاريخي بإنشاء  صندوق الخسائر والأضرار  في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP27) في مصر. ويهدف الصندوق إلى معالجة عدم المساواة في تغير المناخ من خلال تقديم المساعدة المالية إلى الدول الأكثر فقرا، والتي غالبا ما تكون الأقل مسؤولية عن الانبعاثات العالمية ولكنها الأكثر عرضة للكوارث المناخية.

وفي مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) الذي انعقد في الامارات، قررت الدول أن يكون مقر الصندوق في البداية في البنك الدولي، حيث تعهدت العديد من الدول الغنية، مثل الولايات المتحدة واليابان والمملكة المتحدة وأعضاء الاتحاد الأوروبي، في البداية بنحو 430 مليون دولار مجتمعة. كما تعهدت الإمارات العربية المتحدة بمبلغ 100 مليون دولار للدول الأفريقية.[6]

وفي  مؤتمر كوب 29 الذي تم عقده في أذربيجان في نوفمبر 2024 تم الاتفاق على تفعيل صندوق “الخسائر والأضرار”، مع مع تعهدات بقيمة تزيد عن 730 مليون دولار لتمويل مشاريع بدءًا من 2025، تستهدف الدول الأكثر تضررًا من تداعيات التغير المناخي ومنها الدول الأفريقية، كما تم عقد قمة سيفيا في إسبانيا في يونيو 2025، وقد حضرها أكثر من 50 زعيمًا ركزوا على دمج العمل المناخي مع تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتبنوا “التزام سيفيا” لتعزيز التعاون المالي والاقتصادي، خاصة في ظل تراجع أموال المعونة من الدول المتقدمة

رغم أن الجهود الدولية ساهمت إلى حد ما في إرساء مفهوم توزيع المسؤولية بين دول العالم في التعامل مع أزمة التغير المناخي، عبر تحديد من يتحمل العبء الأكبر، ومن يطالب بدفع تكلفة الانتقال نحو الطاقة النظيفة، ومن يجب أن يعوض الدول النامية عن الأضرار المناخية التي لحقت بها، إضافة إلى تعزيز أهمية مصادر الطاقة المتجددة بوصفها مسارًا استراتيجيًا عالميًا؛ إلا أن هذه المبادئ ظلت في معظمها حبيسة أروقة المؤتمرات وخطابات الالتزام. وعلى أرض الواقع، يشهد العالم تحركًا متسارعًا نحو “حدود مناخية جديدة”، تتسم بارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة، هو الأعلى منذ مليون عام، مما يعكس الفجوة الواسعة بين التحذيرات العلمية المتكررة واتخاذ قرارات سياسية فاعلة، كما أشار عالم المناخ جيمس هانسن، مدير برنامج المناخ في معهد الأرض بجامعة كولومبيا، فإن هذا التباين يعد أحد أبرز مظاهر قصور الاستجابة العالمية.[7]

وفي ظل هذا التراجع الدولي على الالتزام بما ورد في هذه الاتفاقيات أو تعويض الدول النامية عما تسببته من أضرار ، بدأت الدول الافريقية تقوم ببعض الجهود لمواجهة تداعيات التغير المناخي، منها تأييد الاتحاد الأفريقي  خطة تسريع التكيف في أفريقيا ، والتي تدعو إلى الاستثمار في البنية التحتية القادرة على الصمود، والزراعة القادرة على التكيف مع المناخ، والتحول الرقمي، والإصلاحات التجارية، وتوسيع شبكات الأمان.

كما لأول مرة عقدت أول قمة أفريقية للمناخ في نيروبي عاصمة كينيا في سبتمبر 2023 [8]، والتي تعتبر من أهم القمم التي ضمت أكبر تجمع لرؤساء الدول والوزراء ووكالات الأمم المتحدة والشركاء الإنسانيين والإنمائيين الأفارقة والقطاع الخاص والشباب في تاريخ القارة، وقد دعت القمة إلى إقامة تحالف عالمي ملتزم بتأمين انتقال قارتهم إلى اعتماد الاقتصاد الأخضر والتوازن البيئي، كما خرجت بإعلان نيروبي والذي تضمن عدد من المباديء أهمها التأكيد على اقترح الزعماء الأفارقة، من دعوة الدول المتقدمة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من انبعاثات الكربون، فضلًا عن وجود آلية تمويل جديدة لإعادة هيكلة ديون أفريقيا المعوقة وإطلاق العنان لتمويل المناخ، وأن  القارة تمتلك الإمكانات والطموح لتكون عنصرا حيويا في الحل العالمي لمشكلة المناخ.[9] كما أطلق بنك التنمية الإفريقي بالشراكة مع المركز العالمي للتكيف، مبادرة بقيمة 25 مليار دولار حتى 2025 تركز على 4 محاور: الزراعة الذكية رقميًا، بنى تحتية مناخية مقاومة، تمكين مليون شاب، وتمويل مبتكر يشمل سندات خضراء ومبادلات ديون .

ثانيًا: لماذا فشلت أفريقيا في الاستفادة من الجهود الدولية لمواجهة التغير المناخي؟

على الرغم من هذه الجهود الدولية وإعلان الالتزامات بتقديم تعويضات للدول النامية ومنها القارة الأفريقية .. إلا أن هناك العديد من القيود تمنع القارة الأفريقية في الاستفادة من هذه الجهود وذلك يمكن إرجاعه لعاملين رئيسيين.

1- أسباب ترتبط بالدول المتقدمة

-تقاعس الدول المتقدمة على الوفاء بتعهداتها تجاه الدول النامية: حيث لم تف الدول المتقدمة بدفع ال100 مليار دولار سنويًا للدول النامية الذي تم التوصل له في عام 2009، وإلى الان لم يتم إحراز أي تقدم ، وذلك في ظل الحاجة لتضاعف هذا الرقم عقب التحديات التي أضرت بالقارة الأفريقية خاصة جائحة فيروس كورونا وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية ، لا سيما مع غياب أي اليات تجبر الدول المتقدمة على الوفاء بالتزامتها.[10]

-هيمنة الدول المتقدمة على الموارد الطبيعية والثروات في أفريقيا: عن طريق شركات متعددة الجنسيات واستيراد الموارد في صورتها الأولية وتصديرها لافريقيا مرة أخرى في صورة مصنعة بأضعاف سعرها، بل زادت هذه السياسات الفترة الماضية نتيجة التنافس الدولي ودخول فاعلين جدد للسيطرة على موارد القارة وهم الصين وروسيا، فوفقًا لدراسة قامت بتحليل المساعدات الخارجية المقدمة للدول الأفريقية قام بها تحالف من نشطاء المساواة والتنمية في المملكة المتحدة وإفريقيا، بما في ذلك منظمة العدالة العالمية الآن ، والذي أكدت أن الثروة التي تخرج من أفريقيا كل عام أكبر مما تدخلها – بأكثر من 40 مليار دولار، وأن دول العالم  المتقدم تستفاد من ثروات القارة أكثر من الأفارقة، وأكدت الدراسة أن الدول الأفريقية تلقت 162 مليار دولار في عام 2015، معظمها في شكل قروض ومساعدات وتحويلات شخصية. ولكن في العام نفسه، تم أخذ 203 مليارات دولار من القارة، إما مباشرة من خلال الشركات المتعددة الجنسيات التي تعيد أرباحها إلى الوطن ونقل الأموال بشكل غير قانوني إلى الملاذات الضريبية، أو من خلال التكاليف التي فرضتها بقية العالم من خلال التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره، وأدى ذلك إلى عجز مالي سنوي قدره 41.3 مليار دولار في 47 دولة أفريقية.[11]

-استمرار اعتماد الدول على الفحم بنسب عالية: عقب انتهاء مشاركتها في مؤتمر كوب 28 أعلنت الهند التزامها تلبية احتياجات شعبها من الطاقة، ومواصلة الاعتماد على الفحم حتى تصل إلى وضع «دولة متقدمة»، وهو ما ينذر باستمرار عدد كبير من  الدول في الاعتماد على الفحم، مما يزيد من التداعيات السلبية للتغير المناخي على الدول الأفريقية، وعلى الرغم من توقع أحدث تقرير الوكالة الدولية للطاقة انخفاض الطلب على الفحم حتى عام 2026، بناءً على السياسات الحالية، ولكن هناك حاجة إلى إجراءات أقوى لدفع انخفاض أكثر حدة نحو تحقيق الأهداف المناخية الدولية، ومن المتوقع أن ينخفض ​​الطلب العالمي على الفحم حتى عام 2026، وفقًا للإصدار الأخير من تقرير سوق الفحم السنوي الصادر عن وكالة الطاقة الدولية – وهي المرة الأولى التي يتوقع فيها التقرير انخفاضًا في الطلب العالمي على الفحم. استهلاك الفحم خلال الفترة المتوقعة، وقد شهد عام 2023 ارتفاع الطلب العالمي على الفحم بنسبة 1.4% ، ليتجاوز 8.5 مليار طن للمرة الأولى. وتخفي الزيادة العالمية اختلافات كبيرة بين المناطق. فالاستهلاك في طريقه إلى الانخفاض بشكل حاد في معظم الاقتصادات المتقدمة ، بما في ذلك الانخفاضات القياسية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بنحو 20٪ لكل منهما. وفي الوقت نفسه، لا يزال الطلب في الاقتصادات الناشئة والنامية قويا للغاية، حيث سيرتفع بنسبة 8% في الهند وبنسبة 5% في الصين في عام 2023 بسبب ارتفاع الطلب على الكهرباء وضعف إنتاج الطاقة الكهرومائية.[12]

2- أسباب ترتبط بالدول الأفريقية

لا يمكن الاكتفاء بإلقاء المسؤولية على الدول المتقدمة في ما يتعلق بعدم فاعلية الاستجابة الدولية لتداعيات التغير المناخي في إفريقيا، إذ تتحمّل الدول الإفريقية ذاتها جانبًا من القصور يعود إلى مجموعة من العوامل البنيوية والمؤسسية، نرصدها فيما يلي:

-الازمات السياسية وغياب الديمقراطية: تعرقل الازمات السياسية قدرة الدول الافريقية على الاستفادة من الجهود الدولية لمواجهة التداعيات المناخية، حيث تشهد القارة الافريقية أربعة أنواع من الأزمات: الحروب الأهلية ، والانقلابات العسكرية، والعنف الانتخابي، والإرهاب. وعلى الرغم من اختلاف طبيعتها تبعًا لكل دولة إلا أنها تشكل تحدياً وتقوض قدرة مؤسسات الدولة، على مواجهة تداعيات التغير المناخي.[13]وفي العقدين الأولين من هذا القرن، حدث 13 انقلابا عسكريًا في أفريقيا، ولكن في الفترة من أغسطس 2020 إلى نوفمبر 2023، تمت الإطاحة بسبعة زعماء أفارقة على يد جيوشهم، هذا بالإضافة للحروب الأهلية مثل الحرب في السودان بين أطراف المكون العسكري(الجيش السوداني- قوات الدعم السريع).[14]

-انتشار الفساد في أفريقيا: وفق مؤشر مدركات الفساد (CPI)، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية المعنية بمكافحة الفساد في عام 2024 ، اعتبرت منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا مرة أخرى بمكانتها باعتبارها المنطقة الأكثر فسادا في العالم. إن غالبية الدول في أفريقيا (44 من أصل 49 على وجه التحديد) تقع تحت منتصف مقياس مؤشر أسعار المستهلك من 0 (فاسد للغاية) إلى 100 (نظيف للغاية)، ويبلغ المتوسط ​​الإقليمي 32 درجة في مقابل المتوسط ​​العالمي البالغ 43 درجة، مما يشير إلى الفساد المستشري في القارة، هذا الفساد يترتب عنه ضعف القدرة على مواجهة تداعيات التغير المناخي، بل في بعض الأحيان يتم نهب المنح المقدمة لمواجهة تداعيات التغير المناخي من قبل بعض القادة والمسؤولين الحكوميين دون استفادة الدولة منها.[15]

-غياب موقف أفريقي موحد مطالب بحقوق الدول الافريقية جراء التغير المناخي: باستثناء قمة نيروبي  2023، الذي سعت لتوحيد مطالب الأفارقة نحو تحقيق العدالة المناخية، إلا أنه على مدار السنوات الماضية لم يكن هناك موقف أفريقي موحد حاسم يخاطب المجتمع الدولي بشأن التعويضات والدعم المالي للعمل المناخي، وذلك بسبب عدة اعتبارات أبرزها أن هناك دول أفريقية تصنف بأنها أكثر اعتمادًا على الفحم في توليد الكهرباء ، مثل جنوب أفريقيا، فضلًا عن أن  الكثير من حكومات الدول الأفريقية لم تأخذ الخطورة المتسبب فيها التغير المناخي بنوع من الاهتمام، هذا بالإضافة إلى أن بعض الدول الافريقية تتلقى منح بشكل فردي لمواجهة تداعيات التغير المناخي، وهو ما يصب في صالح الدول المتقدمة التي تعطي هذه المنح وفق إعتبارات سياسية ومدى تبعية النظام الحاكم في هذه الدولة لها.

-عدم تفعيل تشريعات محلية لتجريم الانتهاكات البيئية: لم تُظهِر حكومات الدول الأفريقية التزاماً كافياً في تنظيم الشركات الأجنبية المتعددة الجنسيات أو في تحميلها المسؤولية عن الانتهاكات البيئية التي ترتكبها في جميع أنحاء القارة الافريقية، فالدول الأفريقية، هي إما ليس لديها تشريعات محلية قوية لمحاسبة الشركات متعددة الجنسيات على هذه الانتهاكات البيئية، أو أن تلك الموجودة غير مطبقة عمليًا في ضمان الحماية الفعالة لضحايا الانتهاكات البيئية، مما جعل بعض المجتمعات المحلية المتضررة تلجأ لرفع الدعاوى في محاكم أجنبية ضد الشركات الأم لتلك العاملة في القارة ، ففي نيجيريا، مع وجود قانون (إنشاء) المعايير البيئية الوطنية ووكالة إنفاذ المعايير لعام 2007 واللوائح ذات الصلة لم يتمكن مجتمع أوكبابي من اللجوء للتشريعات الوطنية ، ففي القضية ضد شركة رويال داتش شل ، رفع 40 ألف من أفراد مجتمع دلتا النيجر دعوى أمام المحكمة العليا في المملكة المتحدة ضد شركة رويال داتش شل بسبب الأضرار البيئية وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها شركة SPDC المحدودة التابعة لها في نيجيريا.[16]

وفي زامبيا، لم يوفر النظام القانوني الحماية الكافية، لذلك قامت مجموعة من المزارعين المحليين من زامبيا برفع دعوى ضد شركة فيدانتا ريسورسيز PLC ومقرها المملكة المتحدة، في المحكمة العليا في المملكة المتحدة، بدعوى حدوث خسائر وأضرار جسيمة نتيجة التدهور البيئي الناجم عن العملية التعسفية التي قامت بها شركة Konkola Copper Mines Plc التابعة لها في زامبيا.[17]

وعلى الرغم من ارتفاع عدد الدعاوى القضائية المتعلقة بتغير المناخ على مستوى العالم ، إلا أنه لم يتم تسجيل سوى عدد قليل منها من حالات تغير المناخ في القارة، بسبب القيود العملية التي يواجهها المواطنون الافارقة في سعيهم للوصول إلى العدالة ، وفي حين أن الأنظمة القانونية في أفريقيا لا توفر سبل انتصاف محلية فعالة ضد الشركات المتعددة الجنسيات بسبب الجرائم البيئية التي ترتكبها في أفريقيا، فإن التحدي الصعب قد يكون أكبر فيما يتعلق باتخاذ إجراءات قانونية ضد البلدان المتقدمة عندما تنتهك التزاماتها بموجب اتفاقيات تغير المناخ المختلفة.

-نقص التمويل المخصص لبحوث المناخ داخل القارة: وفقًا لدراسة نشرت في مجلة المناخ والتنمية، فأن أكثر من 75% من الأموال المخصصة لأبحاث المناخ المتعلقة بإفريقيا تذهب إلى معاهد في الولايات المتحدة وأوروبا، ومن بين مبلغ 620 مليون دولار مولت أبحاث المناخ المتعلقة بإفريقيا بين عامي 1990 و2020، تلقت المؤسسات البحثية الموجودة في أوروبا والولايات المتحدة معظم التمويل (480 مليون دولار)، في حين حصلت المؤسسات البحثية الموجودة في أفريقيا على أقل من 15% (89.15 مليون دولار)، ويوجد بالفعل عجز كبير في التمويل: أقل من 5% من الأموال المخصصة لأبحاث المناخ على مستوى العالم تركز على الدول الأفريقية، على الرغم من أن الدول العشر التي تعتبر الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ في عام 2020 كانت جميعها في أفريقيا، وما يثير التساؤل هو أن إعطاء الأولوية للدول كمواقع للبحث لا يتماشى مع شدة المخاطر أو التأثيرات المناخية التي تواجهها هذه الدول.[18]

ثالثًا: تنبيه استراتيجي: التغير المناخي يهدد مستقبل القارة الأفريقية

ضرورة أن تدرك الدول الأفريقية أن التغير المناخي لم يعد خطرًا بيئيًا مؤجلًا، بل أصبح تهديدًا وجوديًا مباشرًا لمجتمعاتها، واقتصاداتها، وأمنها الغذائي والمائي. فإذا لم يتم اتخاذ إجراءات صارمة وجماعية، فإن القارة قد تواجه سيناريوهات كارثية في المستقبل القريب، منها:

  1. تصحر الأراضي الزراعية: مثلما يحدث في منطقة الساحل الإفريقي، حيث تتقلص المساحات المزروعة سنويًا، مهددة ملايين الفلاحين ورافعي الأمن الغذائي المحلي.
  2. فيضانات قاتلة: كما شهدته ليبيا في درنة عام 2023، والتي خلفت آلاف القتلى والنازحين، وأظهرت هشاشة البنية التحتية أمام الظواهر المناخية العنيفة.
  3. أزمات مائية حادة: على غرار ما تواجهه دول القرن الإفريقي، خصوصًا الصومال وكينيا، حيث يعاني الملايين من نقص المياه الصالحة للشرب وجفاف المراعي.
  4. أعاصير استوائية مدمرة: مثل إعصار “إيداي” الذي ضرب موزمبيق وزيمبابوي عام 2019، وأدى إلى دمار واسع في البنية التحتية ونزوح جماعي.
  5. انتشار الأوبئة المناخية: ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الأمطار يعزز انتشار أمراض مثل الملاريا وحمى الضنك في مناطق جديدة.
  6. غرق السواحل والمدن المنخفضة: ارتفاع منسوب البحر يهدد سواحل مثل دلتا النيجر في نيجيريا، وسواحل غرب إفريقيا، مما يهدد بتهجير ملايين السكان وخسارة مساحات واسعة من الأراضي الزراعية.

رابعًا:  مسارات استراتيجية أمام إفريقيا لإلزام المجتمع الدولي بمسؤولياته المناخية تجاه القارة

في ظل ضعف التزامات الدول الصناعية وتكرار الوعود غير المنفذة، تبرز ضرورة تحرك إفريقي فاعل، لذلك تستعرض هذه الورقة ستة مسارات استراتيجية لإلزام المجتمع الدولي بمسؤولياته المناخية.

1- توحيد الموقف الإفريقي في المحافل الدولية: لضمان تأثير حقيقي داخل مؤتمرات المناخ (COP) والأمم المتحدة، يتعين على الدول الإفريقية التحدث بصوت موحّد من خلال تشكيل “تحالف إفريقي للمناخ” يقدم رؤية تفاوضية موحدة، مدعومة بـ”إعلان للعدالة المناخية” يُحدد بوضوح مطالب القارة حول التمويل والتعويض ونقل التكنولوجيا.

2-الضغط القانوني والدبلوماسي على الدول الصناعية: وذلك من خلال أدوات قانونية ودبلوماسية أكثر حزمًا، ويشمل ذلك رفع دعاوى أمام محكمة العدل الدولية لمحاسبة الدول الملوثة على أساس المسؤولية التاريخية، ومقاضاة الشركات متعددة الجنسيات المتورطة في انتهاكات بيئية، كما يمكن اعتماد سياسة ما يعرف ب “التسمية والتشهير” من خلال إصدار قوائم سوداء بالدول غير الملتزمة، ومقاطعة الفعاليات المناخية التي تستضيفها.

3-تعبئة الرأي العام العالمي لصالح القارة: من خلال توظيف القوة الناعمة، يمكن لإفريقيا أن تُحدث تحولًا في وعي الشعوب الغربية، عبر حملات إعلامية يشارك فيها فنانون ومفكرون ونشطاء، وإنتاج أفلام توثق المعاناة المناخية، بالإضافة إلى بناء تحالفات مع كنائس ومساجد وجمعيات مدنية ذات تأثير عابر للحدود.

4-تأسيس آليات تمويل بديلة ومستقلة: بدلًا من الانتظار طويلًا لوعود التمويل، على إفريقيا أن تُنشئ “صندوقًا إفريقيًا للمناخ” قائمًا على رسوم داخلية (مثل ضريبة تذاكر الطيران) وسندات خضراء إقليمية. ويُرافق ذلك تعزيز سلاسل التصنيع المحلي للمعادن الخضراء لتقليل التبعية وزيادة العائدات.

5-بناء منظومة متابعة ومساءلة للمانحين: لضمان الشفافية والمحاسبة، يمكن تدشين “مؤشر إفريقي للتمويل المناخي” يصنّف الدول حسب التزامها بحجم التمويل، وشفافيته، ومدى نقل التكنولوجيا للدول الإفريقية. هذا المؤشر يُنشر سنويًا ويُستخدم كأداة ضغط سياسية واقتصادية.

6- إنشاء شبكة ضغط إفريقية في العواصم المؤثرة: إقامة وحدات ضغط قانونية وسياسية دائمة في واشنطن وبروكسل، تتولى مهمة متابعة التشريعات البيئية وربطها بمصالح إفريقيا، هذا اللوبي يعمل على حماية مصالح القارة وتعديل السياسات الدولية التي تهم البيئة والمناخ.

المصادر:

1] الأمم المتحدة، مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة البشرية، 5 – 6 يونيو 1972، ، سبتمبر 2013، متاح على https://bitly.ws/38dyj تاريخ الزيارة 5 يناير 2024.

[2] planete-energie, International Efforts to Combat Climate Change,   8May 2021, available at https://bitly.ws/38dEt Accessed On: 2January2024.

[3] أحمد قنديل، الاتفاقيات العالمية لمواجهة التغير المناخي وحدود فعاليتها، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 19 يناير 2021،متاح على رابط      https://bitly.ws/38dIx تاريخ الزيارة 5يناير2024.

[4] Britannica, Kyoto Protocol, Dec. 14 2023, available at https://bitly.ws/38dM8 Accessed On 30 December2023.

[5]Lindsay Maizland, Global Climate Agreements: Successes and Failures, Council on Foreign Relations, December 5, 2023, available at https://bitly.ws/38dNj Accessed On 3January2024.

[6] Idem.

[7] Michael Addaney and others, Climate Change in Africa Adaptation, Resilience, and Policy Innovations(London: Palgrave Macmillan, 2023),PP4-5.

[8]African Union, The African Leaders Nairobi Declaration On Climate Change And Call To Action(Addis Ababa: African Union, 2023), PP4-7.

[9] United Nations Economic Commission for Africa(UNECA), Africa Climate Summit: Nairobi Declaration makes strong push for accelerated climate action and financing mechanisms, 8 September 2023,available at https://bitly.ws/38zUF Accessed On: 3January 2024.

[10] Rishikesh Ram Bhandary, Wealthy countries still haven’t met their $100 billion pledge to help poor countries face climate change, and the risks are rising, preventionweb, 24 February 2022, available at https://bitly.ws/38QqR Accessed On 5January2024.

[11]Karen McVeigh, World is plundering Africa’s wealth of ‘billions of dollars a year, The Guardian, 24 May 2017, available at https://bitly.ws/38zTA Accessed On: 3 January 2024.

[12] International Energy Agency: IEA, Global coal demand expected to decline in coming years, 15 December 2023, available at https://bitly.ws/38zSs Accessed On: 3 January 2024.

[14] Comfort Ero and Murithi Mutiga, The Crisis of African Democracy, Foreign Affairs, December 12, 2023, https://www.foreignaffairs.com/africa/crisis-african-democracy

[15] Prosper S Maguchu, Sub-Saharan Africa world’s most corrupt region, but conflict and corruption are linked, Mail Guardian, / 3 FEBRUARY 2023,available at: https://bitly.ws/38pcm Accessed On: 1January 2024.

[16] whitecase , Okpabi v Royal Dutch Shell Plc: UK Supreme Court allows Nigerian citizens’ environmental damage claim to proceed against UK parent company, 19 February 2021,available at https://bitly.ws/38zQm Accessed On:4January2024.

[17] Leighday, Legal claim by more than 2,500 Zambian villagers in a case against Vedanta Resources Limited, 18 January 2021, available at https://bitly.ws/38zRB Accessed On: 4 January2024

[18]Malavika Vyawahare, Millions are spent on climate research in Africa, Western institutes get most of it, Mongabay, 17 November 2022, available at https://bitly.ws/38s6 Accessed On 1 January 2024.

Tags: COPCOP28COP29COP30أزمة المناخأزمة المياهإفريقيااتفاق باريس عام 2015الانتهاكات البيئيةالتصحرالتغير المناخيالعدالة المناخيةالقارة الأفريقيةانتشار الأوبئة المناخيةتنبيه استراتيجيد. إيمان الشعراويفيضاناتقمة المناخمركز مساراتمركز مسارات للدراساتمركز مسارات للدراسات الاستراتيجيةمسارات للدراساتمسارات للدراسات الاستراتيجية
المنشور التالي

مركز مسارات: ثورة 30 يونيو محطة فارقة في علاقة الدولة بالمجتمع وأسست لمرحلة جديدة

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

نشر حديثًا

الدراسات الفلسطينية- الإسرائيلية

هل تشكل حرب غزة منعطفًا في مسار تسليح إسرائيل؟

المرصد

مطرقة منتصف الليل: ما هي القاذفة الشبحية B-2 التي استُخدمت في الهجوم الأمريكي على منشآت إيران النووية؟

انفوجراف

إنفوجراف | 🇪🇬🇳🇱 فرص مصر للاستفادة من الاستراتيجية الهولندية تجاه إفريقيا

التقديرات

هل بات التطبيع بين سوريا وإسرائيل احتمالًا واقعيًا؟

مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية

مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية هو مركز بحثي مستقل يُعنى بإعداد التقديرات الاستراتيجية والتحليلات المعمقة للقضايا الإقليمية والدولية ذات الصلة بالأمن القومي، والسياسات العامة، والعلاقات الدولية، يضم المركز نخبة من الباحثين والخبراء المتخصصين، ويهدف إلى دعم صانع القرار برؤى موضوعية ومبنية على معطيات دقيقة، في بيئة تتسم بتعقيد وتسارع التحولات.

اتصل بنا

  • شارع الماظة الرئيسى بالتقاطع مع شارع الثورة الرئيسى - مصر الجديدة
  • 01062042059 - 01080841505
  • [email protected]

النشرة البريدية

اشترك الآن في نشرتنا البريدية:

جميع الحقوق محفوظة © 2025 – مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية | تنفيذ ♡ Dotsmaker

No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • التقديرات
  • الإنذار المبكر
  • البرامج
    • الدراسات الإفريقية
    • الدراسات الفلسطينية- الإسرائيلية
    • الدراسات التركية
    • الدراسات الإيرانية
    • الدراسات الأذربيجانية
    • الاستراتيجيات والتخطيط
    • الإرهاب والتطرف
    • الطاقة
    • الذكاء الاصطناعي
    • الأمن السيبراني
    • التغير المناخي
    • السياسات العامة
  • المرصد
  • الإصدارات
  • الفعاليات
    • التدريب
    • ورش العمل
    • ندوات
  • نافذة مسارات
    • أخبار المركز
    • المركز في الإعلام
    • مقالات الرأي
    • انفوجراف
    • فيديوجراف
  • العربية