• من نحن
  • النشرة البريدية
  • اتصل بنا
  • سياسة الخصوصية
  • الرئيسية
  • التقديرات
  • الإنذار المبكر
  • البرامج
    • الدراسات الإفريقية
    • الدراسات الفلسطينية- الإسرائيلية
    • الدراسات التركية
    • الدراسات الإيرانية
    • الدراسات الأذربيجانية
    • الاستراتيجيات والتخطيط
    • الإرهاب والتطرف
    • الطاقة
    • الذكاء الاصطناعي
    • الأمن السيبراني
    • التغير المناخي
    • السياسات العامة
  • المرصد
  • الإصدارات
  • الفعاليات
    • التدريب
    • ورش العمل
    • ندوات
  • نافذة مسارات
    • أخبار المركز
    • المركز في الإعلام
    • مقالات الرأي
    • انفوجراف
    • فيديوجراف
  • العربية

لا توجد منتجات في سلة المشتريات.

No Result
View All Result
مركز مسارات
الرئيسية البرامج الطاقة

هل يُمثل المشروع النووي الإثيوبي ورقة جديدة في معادلة الهيمنة الإفريقية؟

محمود حسن بواسطة محمود حسن
أكتوبر 10, 2025
في الطاقة
0
0
مشاركة
33
مشاهدة
Share on FacebookShare on Twitter
وقعت شركة روساتوم الروسية وهيئة الطاقة الإثيوبية خطة عمل مشتركة لبناء محطة طاقة نووية في إثيوبيا في 26 سبتمبر 2025 بحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في إشارة إلى الدعم السياسي رفيع المستوى لهذه المبادرة النووية. ووفقًا لمقال كتبه السفير الروسي لدى إثيوبيا، يفغيني تيريخين، تهدف خطة العمل إلى إنشاء برنامج للطاقة النووية السلمية في إثيوبيا، مع التركيز على توليد الطاقة النظيفة وتحقيق فوائد اجتماعية وتكنولوجية متعددة بما يشكل جزءً من تعاون أوسع يشمل الاستثمار في الطاقة والزراعة والرعاية الصحية والدفاع، مما يعكس تعميق التعاون الثنائي.
وعليه، يناقش هذا التقدير الدوافع الروسية والإثيوبية وراء هذا التحول النوعي في إطار الطاقة ومدى قدرة أديس أبابا على تنفيذ المشروع اقتصادياً وبنيوياً وفنياً وإمكانات توسيع النشاط النووي الإثيوبي بما قد يشمل استخدامات استراتيجية أخرى بخلاف توليد الطاقة السلمية بالإضافة إلى تقديم توصيات عملية لصناع القرار المصريين للتفاعل مع هذا التطور النووي في الجوار الإفريقي.

أولاً: الأهداف الإثيوبية خلف المشروع النووي

إن دوافع إثيوبيا للسعي نحو برنامج نووي تشكل تفاعلاً معقداً بين الضرورة الوطنية الملحة للتغلب على نقاط الضعف الهيكلية في مجال الطاقة وترسيخ مكانة إثيوبيا كفاعل جيوسياسي هام في العمق الإفريقي وهذا يمكن تحليله كما يلي:
1- تنويع مصادر الطاقة الإثيوبية وتعزيز أمن الطاقة: يستهدف المشروع النووي الإثيوبي بصفة أساسية معالجة تحديات الطاقة المعقدة التي تواجهها البلاد. على سبيل المثال، لا يزال ما يقرب من 56% من السكان يفتقرون إلى خدمات الكهرباء الأساسية بحسب تقرير البنك الدولي لعام 2025 بالإضافة إلى 2% من الاستخدامات الطاقوية موجهة نحو استهلاك الكهرباء المحلي، مما يؤكد انخفاض الطلب الفردي على الطاقة الإثيوبية المحدودة. بالتالي، تأتي المحطة النووية الإثيوبية في سياق خطة أديس أبابا لتعزيز الوصول إلى الطاقة بمعدل 75 % بحلول 2030, إذ من المستهدف أن تولد المحطة النووية 2400 ميجاوات بقدرة استيعابية 1200 ميجاوات لكل مفاعل.
علاوةً على ذلك، تعمل الحكومة الإثيوبية على تنويع مصادر إنتاج الطاقة المحلية، حيث تعتمد إثيوبيا على الطاقة الكهرومائية لتوليد 90 % من مزيجها الطاقوي تأتي معظمها من “سد النهضة” الإثيوبي بإنتاج حالي قدره 2350 ميجاوات بجانب محطة كويشا الكهرومائية بسعة 1800 ميجاوات وفقاً لبيانات وزارة التجارة الدولية في إثيوبيا، إن اعتماد النظام الكبير على الطاقة الكهرومائية يُعرّض إثيوبيا لمخاطر تقلبات المناخ، وخاصة الجفاف المتكرر وانخفاض هطول الأمطار الناجم عن تغير المناخ، وتُظهر الإحصاءات 39 انقطاعًا شهريًا بمتوسط ​​21 ساعة انقطاع للكهرباء لكبار مستخدمي الكهرباء بفعل التقلبات الهيدرولوجية، ودفعت هذه العوامل المناخية الإثيوبيين إلى استكشاف بدائل متجددة ونظيفة مثل الطاقة النووية والشمسية وفقاً لخطة مرونة الجفاف الوطنية لعام 2025.
2- دعم التنمية الصناعية والحضرية: تمثل الطاقة النووية مُمكنًا استراتيجيًا لطموحات البلاد الاقتصادية والصناعية الأوسع، إذ تتماشى الخطة النووية مع مبادرة آبي أحمد لتطوير البنية التحتية الإثيوبية عبر ضخ 30 مليار دولار في قطاعات حيوية مثل التنقيب عن الغاز والتوسع في إنشاء المطارات الجوية ومحطات الطاقة، وتنص المبادرة على إنشاء 1.5 مليون وحدة سكنية لاستيعاب النمو السكاني المتزايد في إثيوبيا بجانب مطار عملاق جديد لاستيعاب 100 مليون راكب سنوياً. وعليه، فإن إثيوبيا بحاجة ماسة لقدرات طاقوية عملاقة لتنفيذ وتشغيل هذه المشروعات القومية وخدمة المجتمعات العمرانية الجديدة، خاصةً في مدن مثل أديس أبابا وميكيلي وبحر دار.
3- تعزيز الموقع الجيوسياسي لإثيوبيا: يُمثل البرنامج النووي الإثيوبي أيضًا بيانًا استراتيجيًا في السياق الجيوسياسي لشرق أفريقيا والقرن الأفريقي، إن آفق امتلاك إثيوبيا لقدرات نووية وطنية وما يصاحبها من تكنولوجيا متطورة وقوة عاملة مدربة يقدم أديس أبابا كنموذج تنموي متقدم في القارة الإفريقية ويمنح حكومة آبي أحمد دوراً ريادياً في المبادرات الإفريقية لنقل التكنولوجيا وتجارة الكهرباء عبر الحدود والتكامل الاقتصادي الإقليمي بشكل عام.
في السياق ذاته، ستؤدي القدرة النووية – حتى للأغراض السلمية – إلى تغيير النظرة الإقليمية للقدرات التكنولوجية والاستراتيجية لإثيوبيا، وهذا التحول الاستراتيجي قد يمنح أديس أبابا أوراقاً تفاوضية متقدمة ويعزز مركزها الجيوسياسي في مواجهة خصومها الإقليميين مثل مصر، ويعزز هذا الطرح تصريحات عضو البرلمان الإثيوبي ومستشار وزير المياه والطاقة الإثيوبي محمد العروسي: “ماذا الذي يمنع إثيوبيا من امتلاك طاقة نووية في وجود دولة إفريقية مجاورة لديها مدن تعتمد على الطاقة النووية” في إشارة محتملة إلى محطة الضبعة النووية المصرية، لذلك يمكن القول إن البرنامج النووي الإثيوبي يمثل حلقة في سباق التنافس الاستراتيجي بين مصر وإثيوبيا.

ثانياً: الأهداف الروسية خلف المشروع النووي

على الجانب الآخر، تنخرط روسيا في شراكة نووية جديدة مع إثيوبيا مدفوعةً بمجموعة من الدوافع الاستراتيجية تجمع بين الطموحات الجيوسياسية والمصالح الاقتصادية وتوسيع النفوذ الاستراتيجي في أفريقيا وأبرزها ما يلي:
1- ترسيخ نفوذها الجيوسياسي في إفريقيا: في ظل الانسحاب الأمريكي والفرنسي من القارة الإفريقية، تجد موسكو إفريقيا أرضاً خصبة لتوسيع نفوذها الاستراتيجي، مستفيدة من العجز الإفريقي الحاد بمجال الطاقة، إذ يفتقر أكثر من 600 مليون شخص في إفريقيا جنوب الصحراء إلى الخدمات الكهربائية الأساسية. لذلك، تسخر روسيا دبلوماسيتها النووية ليس فقط لتحقيق مكاسب اقتصادية، بل أيضًا لتوسيع حضورها في إفريقيا. بالتالي، تمثل الاتفاقية النووية مع إثيوبيا جزءً من استراتيجية روسية أوسع تتضمن توقيع أكثر من عشرين اتفاقية نووية مع دول إفريقية مثل مصر وغانا ونيجيريا بهدف توطين التكنولوجيا الروسية في البيئات المحلية في إفريقيا وتعزيز تحالفاتها في هذه المنطقة الحيوية من العالم.
2- توسيع دور شركة روساتوم العالمي: بجانب الانخراط الجيوسياسي المباشر، تعمل موسكو على ترويج نماذج تنموية بديلة وأكثر مرونة من حيث التكلفة والتمويل. وفي هذا السياق، تلعب شركة روساتوم دوراً محورياً في تعزيز القوة الناعمة الروسية من خلال تقديم أحدث التقنيات النووية الروسية دون شروط مسبقة، فتعد الابتكارات الروسية مثل محطات الطاقة النووية العائمة التي عُرضت في أسبوع الطاقة الأفريقي 2025 في جنوب أفريقيا خياراً جذاباً للنخب السياسية في إفريقيا بما يعزز إيرادات الشركة الروسية، والتي تشارك حاليًا في حوالي 30 مشروعًا للطاقة في 16 دولة أفريقية، وتقدم مجموعة شاملة من الخدمات، بدءًا من تصميم وتوريد المعدات، وصولًا إلى تحديث وبناء مرافق توليد الطاقة الجديدة بنظام تسليم المفتاح. إذاً، تمثل الشركة أحد الأصول الاستراتيجية للسياسة الخارجية الروسية تجاه إفريقيا بما يضمن بقاء الاعتماد الإفريقي على موسكو تكنولوجياً واقتصادياً.
3- تأمين سلاسل توريد اليورانيوم: تأتي المعادن الحيوية كلاعب رئيس ضمن معادلة النفوذ الروسي في إفريقيا، إذ وقعت موسكو وقعت اتفاقيات تعدين وتوريد اليورانيوم مع العديد من الدول الأفريقية الغنية برواسب اليورانيوم. على سبيل المثال، وقعت روسيا اتفاقية نووية مع النيجر لتسهيل الوصول الروسي إلى مناجم التعدين التي أممتها النيجر في يونيو 2025. وفي العام ذاته، وقعت ناميبيا اتفاقية مع الكرملين لتطوير قدرات معالجة وتكرير اليورانيوم عوضاً عن تصديره في صورته الخام. ومن هنا تعبر الاتفاقية النووية الإثيوبية وغيرها من اتفاقيات التعدين الروسية مع الدول الإفريقية عن مشروع استراتيجي لموسكو لفرض سيطرتها على سلاسل توريد الوقود النووي، مقوضةً الوصول الأمريكي والأوروبي إلى سوق المعادن النادرة في قارة تمتلك 20% من الاحتياطات العالمية لهذه المعادن.

ثالثاً: إلى أي مدى تستطيع إثيوبيا تنفيذ المشروع النووي؟

على الرغم من التزام البلدين بخارطة طريق شاملة لتدشين المفاعلات النووية متضمنةً إعداد دراسات جدوى وتدريب الكوادر الإثيوبية المسؤولة عن المشروع، إلا أن أديس أبابا قد تواجه عقبات اقتصادية وبنيوية هائلة لإدخال المشروع حيز التنفيذ ومن ضمنها ما يلي:
1- حجم التمويل المطلوب: لم تتضمن خطة العمل المشتركة أي تفاصيل فيما يتعلق بالتكلفة المتوقعة أو مصادر تمويل المحطة النووية، إلا أنه من المتوقع أن يصبح مشروع كهذا عبئاً على الموازنة العامة في إثيوبيا، وتبلغ تقديرات الرابطة العالمية للطاقة النووية نحو 7.7- 12.5 مليار دولار لبناء مفاعل نووي ذو قدرة استيعابية قدرها 1200 ميجاوات وهو نطاق يطابق المشروعات النووية الإقليمية المشابهة مثل محطة الضبعة المصرية والتي تصل تكلفتها الإجمالية إلى 28-30 مليار دولار لمشروع مكون من 4 وحدات. بالتالي، قد تصل تكلفة المشروع الإثيوبي إلى مبلغ تقديري بين 15-25 مليار دولار بما يحمل ضغوطاً كثيفة على المالية العامة في إثيوبيا.
أضف إلى ذلك الأزمة الاقتصادية التي تواجهها إثيوبيا، إذ بلغ حجم الدين العام لإثيوبيا 68.9 مليار دولار بنهاية 2024 بما يشكل 32 % من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، كما تواجه أديس أبابا صعوبات متزايدة في الوفاء بالتزاماتها المالية للدائنين الرسميين مما دفع الحكومة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي لإعادة هيكلة ديونها في مارس 2025. هذه التحديات الاقتصادية المتفاقمة تجعل من المستعبد أن تمول الحكومة الإثيوبية مشروعاً نووياً كهذا من إيرادات الدولة. وعليه، من المتوقع أن تعتمد إثيوبيا على نموذج روساتوم التمويلي القائم على القروض الميسرة والتي تسدد بعد التشغيل كما في الحالة المصرية والتي تعتمد على قرض بنسبة 85 % من قيمة مشروع الضبعة لتمويل أعماله الإنشائية.
2- البنية التحتية الكهربائية وشبكات النقل: إن تدشين محطة نووية يحتاج إلى مجموعة معقدة من خطوط النقل عالية القدرة، شبكات كهرباء قوية وذات قدرة استيعابية هائلة بما يتعارض مع الشبكة الوطنية المتهالكة داخل إثيوبيا، بينما تعتمد المحطات النووية على مستويات تواتر رئيسية بقدرة 400 كيلوووات، يبلغ متوسط مستوى التواتر للشبكة الإثيوبية 270 كيلووات فقط. بالإضافة إلى ذلك، تفتقر إثيوبيا إلى محطات التحويل العملاقة القادرة على استقبال حوالي 1000 ميجاوات مع مفاتيح وأنظمة تشغيل متقدمة. بشكل عام، يوجد 19 متطلباً بنيوياً تشترطه الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتصديق على أمن وسلامة المشروعات النووية لا تلبي إثيوبيا أياً منها في الوقت الحالي. تبعاً لذلك، من غير المرجح أن تواكب القدرات الإثيوبية الاحتياجات الهندسية والتنموية لهذا المشروع على الأقل في المدى القريب. 
3- الأزمة السياسية الداخلية في إثيوبيا واحتمالات الحرب مع إريتريا: تُمثل الاضطرابات السياسية الداخلية التي تشهدها إثيوبيا، بما في ذلك الصراعات الإثنية، والتوتر بين الحكومة الفيدرالية والأقاليم، أحد أبرز التحديات التي قد تُعيق تنفيذ مشروعها النووي بالتعاون مع روسيا، وتزداد هذه التحديات تعقيدًا في ظل تنامي التوتر الحدودي مع إريتريا، واحتمالات انزلاق الوضع نحو مواجهة عسكرية جديدة بين البلدين، ما قد يُهدد الاستقرار الإقليمي ويُؤثر بشكل مباشر على أي استثمار طويل الأمد، خاصة في مشاريع بالغة الحساسية كالمشروع النووي.

رابعاً: هل قد يتحول البرنامج النووي الإثيوبي إلى أداة ردع استراتيجية؟

من المستبعد أن يتضمن مشروع أديس أبابا النووي أي استخدامات استراتيجية، بالأخص في مجالات الردع والتطوير العسكري وهذا يمكن إرجاعه إلى العوامل الآتية:
  1. التزام إثيوبيا طويل الأمد بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث انضمت إثيوبيا إلى الوكالة عام 1957 وصدقت على معاهدة عدم الانتشار النووي عام 1977، كما ترتبط أديس أبابا مع الوكالة بمجموعة من الأطر التعاونية مثل إطار التعاون الفني 2018-2023 لتعزيز الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، والذي تم تجديده لخمس سنوات إضافية، مما يعكس القبول الإثيوبي لإشراف الوكالة الذرية على أي مشروع نووي مستقبلي.
  2. غياب المعرفة النووية الخاصة بتخصيب اليورانيوم أو معالجة الوقود النووي، رغم ابتعاث 300 باحث إثيوبي إلى روسيا والصين وبيلاروسيا منذ عام 2018 لدراسة الهندسة النووية، إلا أن هذا يعد مؤشراً على محدودية البحث العلمي النووي في البلاد، وهذا يمنعها فعلياً من امتلاك دورة وقود نووي كاملة وهو الشرط الأساسي للقوة الردعية الكاملة، مما يعني أن إثيوبيا لا تمتلك السيطرة الفنية على أي مادة انشطارية، وبالتالي لا تملك الأساس الفني لتطوير سلاح نووي.
  3. التأكيد الإثيوبي المستمر على سلمية نشاطاتها النووية، إن تصريحات آبي أحمد وآخرها في الأسبوع الذري العالمي الذي احتضنته موسكو في سبتمبر 2025 تركز على مفردات مثل “الشفافية، السلمية والتنمية المستدامة” مما يشير إلى سعي القيادة الإثيوبية لتأطير الخطة النووية كـ”مشروع قومي اقتصادي” دون التنويه لأي آفق استراتيجي أو ردعي لهذا البرنامج وإن كان من باب النزعة الشعبوية لرئيس الوزراء الإثيوبي.

خامساً: مسارات مقترحة لصانع القرار المصري في ضوء الاتفاق النووي الروسي- الإثيوبي

على الرغم من الطابع السلمي للمشروع الإثيوبي، فإن تطوير المعرفة النووية، حتى لأغراض بحثية، يوفر خبرات يمكن تسخيرها مستقبلاً في برامج مزدوجة الاستخدام، إذ يشير تقرير “معهد الأمن الدولي والعلوم” (ISIS) لعام 2025 إلى أن نحو 15% من الدول النامية المالكة لمفاعلات بحثية قامت لاحقًا بمحاولات لتوسيع قدراتها نحو الاستخدامات غير السلمية بما يفرض خطراً محدوداً لتحول عسكري غير مباشر على الأقل في طبيعة البرنامج النووي الإثيوبي.
ناهيك عن التأثير الرمزي والدبلوماسي للقدرات النووية الإثيوبية في تشكيل توازنات القوى الإقليمية، إن امتلاك بنية نووية وإن كانت سلمية يعزز موقف إثيوبيا التفاوضي فيما يتعلق بملفات الأمن والمياه وفي مقدمتها قضية سد “النهضة”، كما أن الانخراط الروسي المتزايد في مشاريع التنمية الاقتصادية في إثيوبيا سيجعل موسكو أكثر حرصاً على دعم الموقف الإثيوبي على مختلف الأصعدة بما يشكل تحدياً استراتيجياً للقاهرة. ومن هذا المنطلق، يقدم التقرير عدة مسارات تحرك لصانع القرار المصري للتفاعل مع المشروع النووي الإثيوبي ويمكن استعراضها على النحو التالي:
1- المسار الدبلوماسي – الوقائي: بإمكان القاهرة الاستفادة من علاقاتها الدبلوماسية المتميزة مع موسكو لضمان سلمية المفاعلات النووية الإثيوبية وإبقائها تحت الإشراف الدولي. في هذا السياق، يمكن لمصر إطلاق إطلاق حوار فني ثلاثي (مصر – روسيا – إثيوبيا) تحت مظلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراجعة التزامات أديس أبابا بالضمانات الشاملة التي تشترطها اتفاقية الوكالة الذرية، كما أن أي محاولات مصرية لتعزيز التعاون التقني والتنسيق الفني مع روسيا سيضمن للقاهرة مراقبة التطورات النووية الإثيوبية ضمن اطر دبلوماسية.
بالإضافة إلى ذلك، من المقترح أن توظف الدولة المصرية المنصات الإفريقية لمنع أي انحراف إثيوبي عن الاستخدامات السلمية. على سبيل المثال، يمكن توسيع الدور المصري في الوكالة الأفريقية للطاقة الذرية (AFCONE) لقيادة مبادرة “الاستخدام الآمن للطاقة النووية في أفريقيا”، بما يمنح مصر مظلة قانونية ودبلوماسية لإدارة التوازنات الإقليمية. وفي الإطار ذاته، قد تعمل مصر على تشجيع الاتحاد الأفريقي على اعتماد بروتوكول نووي إقليمي مُحدث مستند إلى معاهدة بليندابا -التي تدعو لإنشاء منطقة إفريقية خالية من السلاح النووي- لمنع أي تراجع إثيوبي عن الاستخدامات السلمية.
2- المسار الأمني – المعلوماتي: الحفاظ على مراقبة مستمرة لتطورات الاتفاق النووي بين إثيوبيا وروسيا عبر تفعيل آليات الرصد الاستخباراتي والفني بالتعاون مع الشركاء الأوروبيين والوكالة الدولية للطاقة الذرية لمتابعة سلاسل الإمداد الإثيوبية فيما يتعلق بتدفق التكنولوجيا النووية ومواد اليورانيوم ونسب التخصيب داخل إثيوبيا، كما أن إنشاء مركز “دراسات الطاقة النووية في حوض النيل” داخل هيئة الطاقة الذرية المصرية سيسهم في متابعة التحولات التقنية الإقليمية وإعداد تقديرات موقف دورية، وهذا التكامل المعلوماتي قد يعزز قاعدة البيانات الحكومية المصرية المتعلقة بطموحات إثيوبيا النووية.
3- المسار الاقتصادي – التنموي: الانخراط الإيجابي في مشروعات الطاقة النووية الأخرى في إفريقيا لصيانة موازين القوى الإقليمية وتقديم مصر كنموذج إيجابي في الاستخدام الآمن والمسؤول للمفاعلات النووية. لذلك، يمكن تحفيز الاستثمارات المصرية في قطاعات الطاقة الكهرومائية والمتجددة لضمان بقاء دور مصر قائماً في أي معادلات طاقوية إفريقية جديدة. بالتوازي، لدى القاهرة خيار تسويق خبرتها الوطنية بمشروع الضبعة كمصدر تدريب ومشورة فنية للدول الأفريقية لخلق تبعية تقنية للمؤسسات الفنية المصرية.
وختامًا يمكن القول..
 تُمثل الاتفاقية النووية الروسية – الإثيوبية تحولًا نوعيًا في مسار العلاقات بين موسكو وأديس أبابا، بما يتجاوز البعد الطاقوي إلى أبعاد استراتيجية واقتصادية وجيوسياسية أعمق، فبينما تسعى إثيوبيا إلى تجاوز أزماتها التنموية والطاقوية وترسيخ مكانتها كقوة إقليمية صاعدة في القرن الإفريقي، ترى روسيا في هذا المشروع مدخلًا لتوسيع نفوذها داخل القارة الإفريقية وتعزيز وصولها إلى أسواق التكنولوجيا والموارد النووية الحيوية. غير أن هذه الشراكة، رغم زخمها السياسي، تواجه تحديات بنيوية واقتصادية معقدة تهدد إمكانية ترجمتها إلى واقع عملي، نظرًا لضعف البنية التحتية الإثيوبية، وضبابية آليات التمويل، والأعباء المتصاعدة للديون الخارجية.
وعلى الرغم من تأكيد أديس أبابا المستمر على سلمية مشروعها النووي والتزامها بمعايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن التنامي التدريجي للقدرات النووية الإثيوبية – ولو في الأطر البحثية والعلمية – يحمل في طياته دلالات رمزية واستراتيجية على موازين القوى في الإقليم. فامتلاك المعرفة النووية، حتى في حدودها السلمية، يمكن أن يوسع من هامش النفوذ الإثيوبي ويمنحها أدوات تفاوضية إضافية في ملفات شائكة كقضية مياه النيل وسد النهضة.
في المقابل، يُحتم هذا الواقع على صانع القرار المصري انتهاج مقاربة استباقية متوازنة تجمع بين الدبلوماسية الوقائية والرصد الفني والتعاون الإقليمي لضمان ألا يتحول المشروع النووي الإثيوبي إلى مصدر تهديد مباشر أو غير مباشر للمصالح المصرية، كما ينبغي لمصر أن تستثمر في تعزيز حضورها النووي والتقني في القارة الإفريقية، سواء عبر تصدير الخبرة الفنية أو بناء شراكات طاقوية جديدة تضمن توازنًا استراتيجياً مستدامًا في الفضاء الإفريقي.
Tags: البرنامج النووي الإثيوبيالطاقة النوويةالمشروع النووي الإثيوبيسد النهضةشركة روساتوم الروسيةمركز مساراتمركز مسارات للدراساتمركز مسارات للدراسات الاستراتيجيةمساراتمسارات للدراساتمسارات للدراسات الاستراتيجيةهيئة الطاقة الإثيوبية

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

نشر حديثًا

الطاقة

هل يُمثل المشروع النووي الإثيوبي ورقة جديدة في معادلة الهيمنة الإفريقية؟

أخبار المركز

مركز مسارات يصدر العدد الثالث من سلسلة “دراسات مسارات” عن القوة الناعمة للكويت

أخبار المركز

مركز مسارات يصدر دراسة جديدة عن التحالف السيبراني بين الموساد وRAW وتداعياته على الأمن الإقليمي

مقالات الرأي

قراءة تحليلية في معركة الوعي الوطنية في ضوء ذكرى نصر أكتوبر العظيم

مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية

مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية هو مركز بحثي مستقل يُعنى بإعداد التقديرات الاستراتيجية والتحليلات المعمقة للقضايا الإقليمية والدولية ذات الصلة بالأمن القومي، والسياسات العامة، والعلاقات الدولية، يضم المركز نخبة من الباحثين والخبراء المتخصصين، ويهدف إلى دعم صانع القرار برؤى موضوعية ومبنية على معطيات دقيقة، في بيئة تتسم بتعقيد وتسارع التحولات.

اتصل بنا

  • شارع الماظة الرئيسى بالتقاطع مع شارع الثورة الرئيسى - مصر الجديدة
  • 01062042059 - 01080841505
  • [email protected]

النشرة البريدية

اشترك الآن في نشرتنا البريدية:

جميع الحقوق محفوظة © 2025 – مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية | تنفيذ ♡ Dotsmaker

No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • التقديرات
  • الإنذار المبكر
  • البرامج
    • الدراسات الإفريقية
    • الدراسات الفلسطينية- الإسرائيلية
    • الدراسات التركية
    • الدراسات الإيرانية
    • الدراسات الأذربيجانية
    • الاستراتيجيات والتخطيط
    • الإرهاب والتطرف
    • الطاقة
    • الذكاء الاصطناعي
    • الأمن السيبراني
    • التغير المناخي
    • السياسات العامة
  • المرصد
  • الإصدارات
  • الفعاليات
    • التدريب
    • ورش العمل
    • ندوات
  • نافذة مسارات
    • أخبار المركز
    • المركز في الإعلام
    • مقالات الرأي
    • انفوجراف
    • فيديوجراف
  • العربية