• من نحن
  • النشرة البريدية
  • اتصل بنا
  • سياسة الخصوصية
  • الرئيسية
  • التقديرات
  • الإنذار المبكر
  • البرامج
    • الدراسات الإفريقية
    • الدراسات الفلسطينية- الإسرائيلية
    • الدراسات التركية
    • الدراسات الإيرانية
    • الدراسات الأذربيجانية
    • الاستراتيجيات والتخطيط
    • الإرهاب والتطرف
    • الطاقة
    • الذكاء الاصطناعي
    • الأمن السيبراني
    • التغير المناخي
    • السياسات العامة
  • المرصد
  • الإصدارات
  • الفعاليات
    • التدريب
    • ورش العمل
    • ندوات
  • نافذة مسارات
    • أخبار المركز
    • المركز في الإعلام
    • مقالات الرأي
    • انفوجراف
    • فيديوجراف
  • العربية

لا توجد منتجات في سلة المشتريات.

No Result
View All Result
مركز مسارات
الرئيسية البرامج الإرهاب والتطرف

إعلام “داعش” الرقمي: من شرعنة العنف إلى خداع الوعي الجمعي.. دراسة في أدوات التأثير ومسارات المواجهة

محمد حسام ثابت بواسطة محمد حسام ثابت
سبتمبر 26, 2025
في الإرهاب والتطرف
0
0
مشاركة
22
مشاهدة
Share on FacebookShare on Twitter
أدرك تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” منذ نشأته أن البعد النفسي ومخاطبة الأفراد لا يقلان أهمية عن السيطرة على الأرض والموارد المادية، إذ لم يكن الإعلام بالنسبة له وسيلة تكميلية فحسب، بل تحول إلى جبهة موازية للجبهات العسكرية التقليدية، مكنته من تجاوز الحدود الجغرافية، والتأثير في وعي المتلقين في مناطق متباينة من الشرق إلى الغرب، وصناعة «جماعة متخيلة» من الأنصار تمتد خارج إطار المكان، وقد تعامل التنظيم مع الإعلام كـ«جيش رقمي» يمتلك قيادة واضحة، وأدوات متعددة، وأهداف محددة، تشمل تعبئة الأنصار، ردع الخصوم، تجنيد المتعاطفين، وصياغة سردية دينية وسياسية متماسكة، ومع فقدانه السيطرة على أراضيه في العراق وسوريا، ازداد الاعتماد على هذا الجيش الرقمي كآلية رئيسية للحفاظ على الاستمرارية وتثبيت شرعيته.
وفي حين اعتمدت تنظيمات مثل “القاعدة” في السابق على الأشرطة المسجلة والمواقع الإلكترونية كوسائل إعلامية، فقد طور تنظيم “داعش” خطابه إلى مستوى «الجيش الرقمي» المنظم، القادر على إنتاج سرديات متكاملة ومترابطة، وتوزيعها بشكل سريع عبر منصات متعددة. وقد ساعدته الثورة التقنية، من انتشار الهواتف الذكية إلى وسائل التواصل الاجتماعي، في بناء شبكة إعلامية متحركة ومرنة، جعلت الإعلام لديه لا يقتصر على كونه وسيلة نقل معلومات، بل تحول إلى سلاح استراتيجي يمتد تأثيره عبر القارات.
ويعتمد هذا التقرير على رصد وتحليل لقنوات تنظيم “داعش” في تطبيق «تليجرام» منذ بداية عام 2025، بهدف تقديم تقييم شامل للخطاب الإعلامي والتوجهات الدعائية للتنظيم، مما يتيح فهماً معمقاً للآليات التي يستثمرها التنظيم في استدامة نفوذه الرمزي والفعلي على المستويين المحلي والدولي.

أولًا: آليات الشرعنة الدينية في الخطاب الدعائي لتنظيم “داعش”

سعى الخطاب الإعلامي لتنظيم “داعش” إلى تأسيس شرعية دينية موازية تتجاوز المرجعيات الفقهية والسياسية التقليدية، وذلك من خلال توظيف عدد من الآليات الدعائية التي تهدف إلى بناء تصور مغلق ومُحكم للواقع، يبرر العنف ويُسبغ عليه طابعًا تعبوديًا، ويمكن تفصيل هذه الآليات على النحو التالي:
  1. الإسناد إلى المشيئة الإلهية: يعتمد الخطاب على إدخال كل سلوك أو نتيجة ضمن إطار “القدر الإلهي المحتوم”، من خلال عبارات متكررة مثل: “بتوفيق الله تعالى” أو “بفضل الله”، بما يُضفي على الفعل طابعًا حتميًا غير قابل للنقاش، وهذا الإطار يمنح الأتباع شعورًا باليقين المطلق، ويُحصن التنظيم من أي مراجعة أو انتقاد داخلي محتمل.
  2. آلية التكفير ونزع الإنسانية: يُمارس التنظيم عملية تصنيف ديني صارمة عبر مصطلحات مثل: “كافر، مرتد، صليبي، رافضي”، ما يؤدي إلى تجريد “الآخر” من إنسانيته، وبذلك يُعاد تعريف الضحية بوصفه “هدفًا شرعيًا” للقتل، مما يُسهل تقبل العنف بل وتقديسه داخل عقلية الأتباع.
  3. تحويل العنف إلى طقس تعبودي (عبادة الدم): لا يُصور العنف بوصفه ضرورة أمنية أو أداة صراع، بل كفعل تعبدي يقرب الفاعل إلى الجنة، تُظهر الإصدارات الإعلامية مشاهد الذبح والتفجير في سياق طقوسي يُحاكي الطاعات، وهو ما يُعد من أخطر أبعاد الخطاب، إذ يحول القتل إلى عبادة.
  4. إعادة تعريف المفاهيم الحديثة: يسعى التنظيم إلى تجريد مفاهيم مثل الديمقراطية، الحرية، الوطنية من مشروعيتها، عبر تصويرها كـ”كفر صريح” أو “بدعة غربية”، وهذا الإلغاء المفاهيمي يُحدث فراغًا قيميًا يسعى التنظيم إلى ملئه بخطابه الخاص، فيُصبح المرجع الوحيد للحقيقة والقيم.
  5. الانتقاء النصوصي وتجزئة الدلالة: يعمد التنظيم إلى اقتناص النصوص الشرعية من القرآن والسنة خارج سياقها الزمني والفقهي، ويوظفها لخدمة أغراضه السياسية والعنيفة، مع تجاهل تام للتفسيرات الوسطية أو المقاصدية المعتمدة في العلوم الشرعية، وهذا يُنتج خطابًا سطحيًا ومشوهًا يخدم الدعاية لا الفهم.
  6. استثمار الرموز التاريخية وتوظيف الذاكرة الجماعية: يستدعي التنظيم رموزًا تاريخية قوية مثل الخلافة، الفتوحات، الرايات السوداء، ليمنح حركته طابعًا استمراريًا متجذرًا في الماضي الإسلامي، بما يُعزز لدى أتباعه الشعور بأنهم يُمثّلون امتدادًا لتاريخ مقدس لا يجوز الانفصال عنه أو مراجعته.
وتجدر الإشارة إلى أنه بسبب هذه الأدوات الخطابية المتعددة، نجح التنظيم في بناء خطاب مغلق ومحصن فكريًا ومنهجيًا، يعمل على تأصيل الاعتقاد بأن كل فعل إرهابي هو بمثابة «واجب ديني» لا يقبل الجدل أو النقاش لدى أتباعه، مما يعزز من مستوى الولاء والانضباط الفكري داخل صفوف التنظيم، كما أن هذا الخطاب شكل آلية دفاعية معرفية، يصعب اختراقها أو تفكيكها عبر الجهود الخارجية، سواء كانت إعلامية أو تعليمية أو اجتماعية، مما يجعل مواجهة هذه الظاهرة تحديًا معقدًا يتطلب تبني استراتيجيات شاملة ومتعددة الأبعاد تستهدف تفكيك آليات الشرعنة الدعائية وفهم دينامياتها العميقة.

ثانيًا: الجيش الرقمي كسلاح استراتيجي

لم يعتبر تنظيم «الدولة الإسلامية» الإعلام وسيلة نقل معلومات فحسب، بل نظر إليه كأداة استراتيجية متكاملة تكمل العمل العسكري التقليدي وتُوظف كوسيلة للقتال الرمزي، في هذا الإطار يؤدي الإعلام وظائفٍ متعددة تُسهم في تحقيق أهداف التنظيم العملياتية والإيديولوجية من خلال تشكيل المعنى والهوية لدى الجمهور المستهدف، وإعادة إنتاج الشرعية الرمزية للتنظيم، والتأثير في بيئات القرار المحلية والدولية، وفيما يلي أهم هذه الوظائف:
  1. بث رواية النصر المستمر: حتى في فترات الهزيمة الميدانية، يُوظف الإعلام مواد بصرية ومقاطع مقرؤة لصياغة انطباع عام بالهجوم والاستمرارية، ما يساهم في تكوين صورة ذهنية مفادها أن «الخلافة باقية وتتمدد»، ويُستخدم هذا التصوير لتعزيز معنويات الأنصار وتأخير انهيار الولاء الجماعي.
  2. الإرهاب النفسي الموجه للخصوم: عبر إنتاج مشاهد عنيفة ذات جودة تصويرية عالية (حرق، ذبح، تفجيرات) يستهدف التنظيم إحداث أثر نفسي مزدوج؛ أوله زعزعة ثقة السكان في قدرة الدولة على الحماية، وثانيه ثني الخصوم العسكريين والنفسيين عن المضي قدماً في المواجهة.
  3. التجنيد والاستقطاب الأيديولوجي: يعمد الخطاب الدعائي إلى تقديم صورة ملحمية للفرد المنضم، ما يستثمر حاجات الشباب إلى الانتماء والبطولة والمعنى، فيجعل من ولوج التنظيم مسارًا للتحول إلى «بطل» ضمن سردية كونية، وبالتالي يسهل عملية الاستقطاب خاصة بين الفئات الهشة اجتماعيًا.
  4. توحيد الساحات عبر قوالب إعلامية موحدة: يستخدم التنظيم قوالب بصرية وخطابية متكررة عبر ولاياته الجغرافية المتباينة (من العراق إلى مناطق إفريقيا)، ما يولّد وهم القيادة المركزية ووحدة المشروع، ويمنح العمليات المحلية طابعًا عالميًا موحّدًا يخدم سردية الخلافة.
  5. المرونة التقنية والهجرة بين المنصات: يمتاز النظام الدعائي بمرونة تشغيلية تسمح له بالانتقال السريع بين منصات التواصل وتطبيقات التراسل ومنصات الألعاب الإلكترونية كلما تعرض للحظر أو التضييق، وهو ما يضمن استمرارية نشر الرسائل ويصعب جهود الإخماد الكامل.
  6. استخدام الذكاء الاصطناعي والأدوات الرقمية: بدأ التنظيم يستثمر تقنيات الترجمة الآلية، والحسابات الوهمية (bots)، وأدوات التزييف البسيطة لإعادة تدوير المحتوى وتعدد لغاته وانتشاره، ما يوسّع دائرة الوصول ويخفض تكلفة الإنتاج والتوزيع الإعلامي.
  7. التحول إلى «جيش رقمي» فعلي: بهذا التوظيف المتكامل يصبح الإعلام لدى التنظيم قوة تشغيلية فعلية؛ يعيد تثبيت شرعيته داخل الحلقات الداخلية، يربك الخصوم عبر حملات تضليل ودعاية سوداء، ويبني شبكة رمزية موازية فوق الأرض تتيح له الاستمرار رغم الانهيارات الميدانية.

ثالثًا: الأبعاد النفسية للخطاب الإعلامي لتنظيم “داعش”

أدرك تنظيم “داعش” أن الحرب الإعلامية لا تقتصر على نقل الكلمات والصور فقط، بل هي عملية هندسة نفسية متقنة تستهدف الحاجات العميقة والمتشابكة للأفراد، لذا بنى خطابه على عدة مستويات نفسية تشكل معاً إطارًا متكاملاً لجذب وتثبيت الولاء لدى أنصاره، ومن أبرز هذه المستويات:
  1. الانتماء: يقدم التنظيم نفسه كجماعة أخوة بديلة، تشكل ملاذًا للأفراد الذين يعانون من التهميش الاجتماعي والاقتصادي، مانحًا إياهم هوية جماعية توفر لهم شعورًا بالقيمة والاعتراف الاجتماعي، في ظل واقع يسوده الإقصاء والانعزال.
  2. البطولة: يسلط الخطاب الضوء على الفرد كـ«بطل ملحمي» ينخرط في معركة مصيرية ضد أعداء يُصورونهم كالصليبيين والطواغيت، مانحًا له دورًا تاريخيًا وشرفيًا يتجاوز وضعه السابق كشاب مهمش ليصبح «فارس الخلافة» ومقاتلًا في سبيل قضية سامية.
  3. اليقين: في عالم يموج بالشكوك والتداخلات المعرفية، يوفر التنظيم إجابات قطعية مطلقة لا تقبل الجدل، ما يجذب العقول الباحثة عن الوضوح والثبات ويمنح الخطاب قوة من خلال تقديم رؤى نهائية وحاسمة.
  4. الانتقام: يستغل التنظيم المشاهد والقصص المرتبطة بالمظالم والمعاناة في العراق وسوريا وأفريقيا، محولًا الغضب الفردي والمحلي إلى مشروع عالمي للانتقام، مما يضفي على الفعل العنيف طابعًا مقدسًا وضرورة شرعية.
  5. المظلومية البصرية: يستخدم التنظيم صورًا مؤثرة للأطفال والنساء ضحايا الحروب والقصف، ليغرس في المتلقي إحساسًا عميقًا بالظلم والاضطهاد، ممهداً بذلك الطريق لتبرير العنف كوسيلة لاستعادة الكرامة وإنصاف المظلومين.
  6. التقنيات السينمائية: لم يقتصر التنظيم على أساليب التوثيق التقليدية، بل وظف أساليب إخراج سينمائي متقدمة تشمل استخدام كاميرات عالية الجودة، زوايا تصوير درامية، ومؤثرات صوتية مكثفة، ليقدم مشاهد العنف والقتل كجزء من فيلم بطولي، ما يعزز من الأثر العاطفي والنفسي للرسائل المرئية التي ينشرها.
بهذه الأدوات المتكاملة، تحول الإعلام الداعشي إلى جهاز نفسي صناعي يعيد تشكيل هوية الفرد وسلوكه؛ إذ يعمل على إنتاج «جندي عقائدي» يتبنى أطر التنظيم الإيديولوجية معرفيًا وسلوكيًا، ويتهيّأ نفسيًا للقيام بتضحيات قصوى دون تردد، هذا الإنتاج النفسي يجمع بين تقنيات الإقناع الرمزي، وإعادة تأطير المعنى، والتدريب المعنوي الذي يُفرغ الفعل العنيف من بُعده الإنساني ويمنحه صفة القداسة لدى المنخرطين.

رابعًا: التحولات الجغرافية في الخطاب والدعاية الداعشية

مع فقدان تنظيم «الدولة الإسلامية» مراكزه الأساسية في العراق وسوريا، لم يتقلص حضوره الإعلامي؛ بل أعاد التنظيم رسم خريطته الدعائية بتوجيه محور نشاطه نحو القارة الأفريقية، معتبرًا إياها ساحة بديلة ذات إمكانات تجنيدية واستراتيجية واعدة، تركزت جهوده على ولايات متعددة في أفريقيا – من غرب ووسط القارة إلى حزام الساحل وموزمبيق والصومال – مع الإبقاء على رمزية الشام والعراق في واجهة الخطاب كـ«أرض الخلافة الأولى» ومصدر شرعية تاريخية، يخدم هذا التحول مجموعة من الأهداف الاستراتيجية المتماسكة:
  1. إظهار الاستمرارية رغم الانكسار الميداني: من خلال بث عمليات متتالية ومواد دعائية مستمرة في أفريقيا، يصوغ التنظيم صورة ذهنية مفادها أن الكيان لا يزال فاعلاً وقادرًا على المبادرة، ما يخفف من أثر الخسائر الميدانية في المشرق على معنويات الأنصار وداعميه.
  2. توظيف المظالم المحلية لصالح السردية الجهادية: يستغل التنظيم هشاشة مؤسسات الدولة، ومستويات الفقر والفساد، والنزاعات المجتمعية في مناطق أفريقية بعينها لتجنيد عناصر محلية، وربط مطالبهم ومظالمهم بسردية «الجهاد العالمي»، ما يسهل استقطابهم ويمنح العمليات طابعًا محليًّا وشرعية يُنظر إليها على أنها استجابة لظلم حقيقي.
  3. بناء معاقل و«مراكز بديلة»: تعمل الولايات الإفريقية كمعاقل بديلة قد تعوض عن خسائر التنظيم في المواضع التقليدية (مثل الموصل والرقة)، وتُقدم كقواعد لإعادة التشكل والانتشار مستقبلاً.
  4. الاستفادة من الفراغ الإعلامي المحلي: يتيح ضعف البنى الإعلامية المحلية في بعض المناطق الإفريقية لـ”داعش” فرض روايته بسهولة نسبية، بحيث تصبح منصاته الإعلامية المصدر الأساسي للمعلومة في بيئات محلية محددة، دون منافسة مهنية أو رقابية فعّالة.
  5. تعزيز الطابع العابر للحدود: بإبراز نشاط متواصل من الساحل إلى الصومال، يعزز التنظيم صورته كقوة عابرة للحدود لا تقيدها الجغرافيا، قادرة على الاستفادة من الفراغات الأمنية والسياسية للتمدد كلما توفرت الفرصة.
في المجمل، أدى هذا التوجه إلى إعادة صياغة الخريطة الدعائية للتنظيم، إذ صارت أفريقيا بمثابة «مسرح استمرارية» يقوم على استغلال الظروف المحلية لبناء رواية جهادية جديدة، بينما تبقى الشام والعراق رموزًا شرعية تزود الخطاب بمرجعيات تاريخية تعمل كجسر بين الماضي الرمزي والتمدد المعاصر.

خامسًا: المسارات المستقبلية للدعاية الداعشية

 تواجه المنظومة الدعائية لتنظيم “داعش” اليوم مجموعة من المسارات المستقبلية المحتملة، تتفاوت في درجة ترجيحها وخطورتها، وفقاً لمتغيرات المشهد الجيوسياسي والتقني والأمني. ويمكن استشراف أبرز هذه المسارات على النحو التالي:
المسار الأول (الأكثر ترجيحًا): ترسيخ الزخم الإفريقي
يرجح أن تبقى الآلة الإعلامية للتنظيم متمركزة حول الولايات الإفريقية، التي يُعاد إنتاجها خطابياً باعتبارها “معاقل النصر الجديدة”، وسيواصل الإعلام الداعشي تصوير العمليات هناك على أنها دليل على البقاء والتوسع، مع توظيف مشاهد العنف الممنهج لبث الرعب وترسيخ صورة القوة.
المسار الثاني (محتمل): إعادة إحياء الرمزية «الشامية – العراقية»
قد يسعى التنظيم إلى استعادة البعد الرمزي للمشرق العربي، من خلال تسليط الضوء على عمليات متفرقة في سوريا والعراق، هذا المسار يستهدف إحياء سردية “أرض الخلافة الأولى”، واستقطاب فئات جديدة ترى في هذه الرقعة الجغرافية منطلقًا مقدسًا لمشروع التنظيم.
المسار الثالث (خطر ولكنه أقل احتمالًا): تشكل جبهة دعائية عابرة بين إفريقيا وخراسان
من غير المستبعد حدوث تنسيق إعلامي بين ولايات إفريقيا وفرع خراسان (أفغانستان/باكستان)، يُوظف لإبراز وحدة الساحات الجهادية، وقد يُعزز هذا المسار صورة التنظيم كقوة عابرة للقارات، ويمنحه زخمًا تعبويًا عابرًا للحدود.
المسار الرابع (تصاعدي): اللامركزية الإعلامية
في ظل الضغوط التقنية والملاحقة الأمنية، يُتوقع أن يتجه التنظيم نحو نموذج إعلامي لا مركزي، تقوم فيه مجموعات صغيرة أو أفراد مستقلون بإنتاج وإعادة توزيع المحتوى، هذا المسار من شأنه إرباك جهود الرصد والملاحقة، لكونه أكثر مرونة وأقل قابلية للاختراق.
المسار الخامس (مركب): الاندماج مع شبكات الجريمة المنظمة
قد يتجه التنظيم إلى توسيع شبكاته التمويلية واللوجستية عبر التحالف أو التواطؤ مع شبكات الجريمة المنظمة، مثل تهريب الأسلحة والمخدرات والاتجار بالبشر، ويُمثل هذا المسار، إذا ترافق مع تطور تقني في الأداء الإعلامي، تهديدًا مركبًا يتطلب استجابة متعددة الأبعاد.

سادسًا: مقترحات التحرك والإجراءات المضادة

إن مواجهة الخطاب الدعائي لتنظيم “داعش”، لا سيما في نسخته الرقمية، تتطلّب اعتماد استراتيجية شاملة متعددة المستويات، تتكامل فيها الأبعاد الإعلامية، التقنية، الدينية، والمجتمعية، وفيما يلي أبرز المحاور المقترحة للتعامل الفعال مع هذا التحدي:
أولًا: على المستوى الإعلامي
  1. تفكيك البنية الخطابية للتنظيم: كشف التناقضات البنيوية بين الشعارات الدينية التي يرفعها التنظيم والممارسات العنيفة التي ينفذها، خاصة ما يتعلق بقتل المسلمين، واستهداف المدنيين، وتشويه صورة الإسلام أمام العالم.
  2. إنتاج مضاد بصري فعال: الاستثمار في إنتاج محتوى مرئي قصير (فيديوهات، إنفوجرافات، سلاسل تفاعلية)، باستخدام نفس القوالب والأساليب التي يعتمدها التنظيم، ولكن بهدف فضح خطابه وكشف آليات التلاعب فيه.
  3. إعادة إنسانية الضحايا: العمل على إبراز وجوه الضحايا وأسمائهم وشهاداتهم، لإعادة الاعتبار الإنساني لمن جردهم التنظيم من إنسانيتهم، وتحويل “الأرقام” إلى قصص حقيقية تُحدث أثراً عاطفياً ومعرفياً لدى الجمهور.
  4. تطوير خطاب بديل شبابي وجذاب: تجاوز اللغة الرسمية الجامدة، والاعتماد على أساليب تواصل عصرية تُخاطب فئات الشباب في المنصات الرقمية التي ينشط فيها التنظيم، مع تضمين رموز ثقافية مألوفة وأسلوب لغوي مبسط وواضح.
ثانيًا: على المستوى التقني
  1. رصد الأنماط الدعائية: تطوير خوارزميات ذكاء اصطناعي قادرة على كشف الأنماط البصرية واللغوية المتكررة في محتوى التنظيم، مما يُسهم في تعقب المواد الدعائية قبل انتشارها الواسع.
  2. استهداف الشبكات الداعمة (قنوات المرآة): بدلاً من التركيز فقط على القنوات الرسمية، ينبغي تتبع المنظومة المتفرعة التي تُعيد تدوير المحتوى وتُضاعف انتشاره، بما في ذلك القنوات البديلة والنسخ الاحتياطية.
  3. التحصين الرقمي للشباب: إدراج مناهج تربوية وتدريبية حول الأمن الرقمي، التفكير النقدي، والتحقق من المعلومات، ضمن برامج التعليم والتوعية، لرفع مناعة الأفراد ضد الدعاية المتطرفة.
ثالثًا: على المستوى الديني
  1. نشر خطاب فقهي مضاد: دعم وتوسيع نشر فتاوى وشروحات علمية تُفنّد منهج التكفير، وتُبين بطلان الأسس الفقهية التي يستند إليها التنظيم في تسويغ العنف.
  2. مبادرات محلية عبر علماء موثوقين: تمكين الشيوخ المحليين وأئمة المساجد من إيصال خطاب ديني متوازن، خاصة في المناطق الهشة التي تُعد بيئات خصبة لاختراق الخطاب المتطرف.
  3. إحياء خطاب المقاصد والقيم الكلية: توجيه الخطاب الديني نحو تأكيد القيم الأساسية في الشريعة الإسلامية كـ”الرحمة، العدالة، حفظ النفس”، بما يُعيد مركزية الفهم المقاصدي للإسلام لدى الجمهور العام.
رابعًا: على المستوى المجتمعي
  1. برامج احتواء وتمكين الشباب: تعزيز فرص العمل، ودعم مشاريع ريادة الأعمال، وتمكين الشباب في مجالات الثقافة والفن والتكنولوجيا، لتوفير بدائل عملية تجنبهم السقوط في براثن الخطاب العنيف.
  2. خلق مساحات هوية بديلة: دعم منصات وأنشطة شبابية تُعيد بناء الانتماء، وتوفر بيئات تفاعلية تُمكن الشباب من التعبير عن ذواتهم خارج أطر العنف والهويات المغلقة.
  3. تعزيز دور المرأة: تمكين النساء من أداء أدوار قيادية داخل المجتمع والأسرة، بما يسهم في تعزيز مناعة المجتمع ضد التطرف، خاصة في ما يتعلق بالتربية والرقابة الأسرية.

سابعًا: دور مصر وتدشين الاتفاقيات الإقليمية والدولية

تمتلك مصر من المقومات التاريخية والدينية والسياسية ما يؤهلها للعب دور قيادي في إطلاق مبادرة إقليمية – دولية لمواجهة ظاهرة “الإعلام الإرهابي الرقمي”، وذلك استنادًا إلى عدد من المرتكزات الجوهرية:
  1. الخبرة التاريخية المتراكمة في مكافحة الإرهاب: خاضت مصر مواجهة ممتدة مع الحركات الإرهابية منذ سبعينيات القرن الماضي، وصولًا إلى نجاحاتها الميدانية الملحوظة في شمال سيناء عبر “العملية الشاملة”، ما أكسبها خبرة عملية ومعرفية عميقة في فهم ديناميات التطرف العنيف، بما في ذلك البُعد الإعلامي والدعائي المرتبط به.
  2. الثقل الديني والشرعي العالمي: يُمثل الأزهر الشريف، كأحد أقدم وأعرق المؤسسات الدينية الإسلامية، مرجعية فقهية معتدلة قادرة على صياغة خطاب ديني مضاد يتسم بالشرعية والقبول على المستوى المحلي والدولي، ويسهم في تفكيك السرديات المتطرفة التي تروج لها التنظيمات الإرهابية.
  3. الموقع الجغرافي والدور الإقليمي المتوازن: تتمتع مصر بموقع استراتيجي فريد على تقاطع المسارات الجيوسياسية بين العالم العربي والقارة الإفريقية، مما يؤهلها لتشكيل جسر تنسيقي فاعل في بناء تحالفات عابرة للأقاليم، تعزز من التنسيق الأمني والإعلامي والديني لمواجهة التحديات المشتركة المرتبطة بالإرهاب الرقمي.
وفي هذا السياق، يُمكن لمصر أن تضطلع بدور قيادي في تفعيل مجموعة من الإجراءات العملية ضمن إطار إقليمي ودولي لمواجهة الدعاية الإرهابية الرقمية، وذلك من خلال ما يلي:
  • إطلاق اتفاقية (عربية – إفريقية) لمكافحة الإعلام الإرهابي الرقمي: تتضمن الاتفاقية آليات لتبادل المعلومات الاستخباراتية والتحليلات الإعلامية بين الدول الأعضاء، إلى جانب تنسيق الجهود بين الأجهزة الأمنية والمؤسسات الإعلامية في رصد ومنع المحتوى المتطرف.
  • تأسيس مركز إقليمي متخصص مقره القاهرة: يتولى هذا المركز مسؤولية رصد وتحليل وتفكيك الخطاب الإرهابي على المنصات الرقمية، مع إصدار تقارير دورية تحليلية تُوزع على الدول الأعضاء، تسهم في توحيد الفهم والتعامل مع التطورات الإعلامية ذات الطابع الإرهابي.
  • تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية: من خلال إشراك مؤسسات كالأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية، بهدف وضع معايير فنية وتشريعية موحدة لتعطيل المحتوى الإرهابي الرقمي، وتعزيز الدعم الدولي للجهود الإقليمية.
  • تأسيس تحالف إعلامي مضاد عابر للأقاليم: يهدف إلى إنشاء منصات رقمية مشتركة بين العالمين العربي والإفريقي تُنتج محتوى شبابيًا جذابًا وسريع الانتشار، يُحاكي القوالب البصرية التي تستخدمها التنظيمات الإرهابية، ولكن بمضامين تفكيكية مضادة تحبط سرديات التطرف.
  • إطلاق برامج تدريب إقليمية متخصصة: تُركز على بناء قدرات الكوادر الإعلامية والدينية والشبابية في مجال مكافحة الخطاب المتطرف على الفضاء الرقمي، مع التركيز على أدوات تحليل الخطاب، إنتاج المحتوى البديل، وتفعيل التفكير النقدي في مواجهة الرسائل المتطرفة.
  • إنشاء مرصد متخصص في تتبع استخدام التنظيمات الإرهابية للألعاب الإلكترونية: يعمل على رصد وتفكيك محاولات التسلل إلى منصات الألعاب بهدف التجنيد أو نشر الدعاية، وهي ساحة رقمية متنامية لم تُستثمر بعد بشكل كافٍ في المواجهة، رغم تزايد مؤشرات استغلالها من قِبل الجماعات الإرهابية.
Tags: إعلام رقميالإرهابالتطرفتنظيم الدولة الإسلاميةداعشمحمد حسام ثابتمركز مساراتمركز مسارات للدراساتمركز مسارات للدراسات الاستراتيجيةمساراتمسارات للدراساتمسارات للدراسات الاستراتيجية
المنشور التالي

الذكاء الاصطناعي وإعادة تشكيل الهوية الثقافية في إفريقيا: بين الفرص التنموية وتحديات الهيمنة الرقمية

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

نشر حديثًا

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي وإعادة تشكيل الهوية الثقافية في إفريقيا: بين الفرص التنموية وتحديات الهيمنة الرقمية

الإرهاب والتطرف

إعلام “داعش” الرقمي: من شرعنة العنف إلى خداع الوعي الجمعي.. دراسة في أدوات التأثير ومسارات المواجهة

مقالات الرأي

هل يؤدي فساد مجلس الأمن الدولي لحرب عالمية ثالثة؟

المركز في الإعلام

تغطية إعلامية لدراسة مركز مسارات: الطموحات الإثيوبية في الوصول إلى البحر الأحمر وتأثيراتها على الاستقرار الإقليمي

مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية

مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية هو مركز بحثي مستقل يُعنى بإعداد التقديرات الاستراتيجية والتحليلات المعمقة للقضايا الإقليمية والدولية ذات الصلة بالأمن القومي، والسياسات العامة، والعلاقات الدولية، يضم المركز نخبة من الباحثين والخبراء المتخصصين، ويهدف إلى دعم صانع القرار برؤى موضوعية ومبنية على معطيات دقيقة، في بيئة تتسم بتعقيد وتسارع التحولات.

اتصل بنا

  • شارع الماظة الرئيسى بالتقاطع مع شارع الثورة الرئيسى - مصر الجديدة
  • 01062042059 - 01080841505
  • [email protected]

النشرة البريدية

اشترك الآن في نشرتنا البريدية:

جميع الحقوق محفوظة © 2025 – مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية | تنفيذ ♡ Dotsmaker

No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • التقديرات
  • الإنذار المبكر
  • البرامج
    • الدراسات الإفريقية
    • الدراسات الفلسطينية- الإسرائيلية
    • الدراسات التركية
    • الدراسات الإيرانية
    • الدراسات الأذربيجانية
    • الاستراتيجيات والتخطيط
    • الإرهاب والتطرف
    • الطاقة
    • الذكاء الاصطناعي
    • الأمن السيبراني
    • التغير المناخي
    • السياسات العامة
  • المرصد
  • الإصدارات
  • الفعاليات
    • التدريب
    • ورش العمل
    • ندوات
  • نافذة مسارات
    • أخبار المركز
    • المركز في الإعلام
    • مقالات الرأي
    • انفوجراف
    • فيديوجراف
  • العربية