• من نحن
  • النشرة البريدية
  • اتصل بنا
  • سياسة الخصوصية
  • الرئيسية
  • التقديرات
  • الإنذار المبكر
  • البرامج
    • الدراسات الإفريقية
    • الدراسات الفلسطينية- الإسرائيلية
    • الدراسات التركية
    • الدراسات الإيرانية
    • الدراسات الأذربيجانية
    • الاستراتيجيات والتخطيط
    • الإرهاب والتطرف
    • الطاقة
    • الذكاء الاصطناعي
    • الأمن السيبراني
    • التغير المناخي
    • السياسات العامة
  • المرصد
  • الإصدارات
  • الفعاليات
    • التدريب
    • ورش العمل
    • ندوات
  • نافذة مسارات
    • أخبار المركز
    • المركز في الإعلام
    • مقالات الرأي
    • انفوجراف
    • فيديوجراف
  • العربية

لا توجد منتجات في سلة المشتريات.

No Result
View All Result
مركز مسارات
الرئيسية التقديرات

الطموحات البحرية الإثيوبية: تداعيات إقليمية وسيناريوهات التصعيد في القرن الإفريقي

نهال أحمد السيد بواسطة نهال أحمد السيد
أغسطس 31, 2025
في التقديرات
0
0
مشاركة
86
مشاهدة
Share on FacebookShare on Twitter
تشهد منطقة القرن الإفريقي في المرحلة الراهنة تصاعدًا ملحوظًا في حدة التوترات، على خلفية تنامي الطموحات الإثيوبية الرامية إلى تأمين منفذ بحري، وقد تجسد ذلك بوضوح في التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء آبي أحمد أمام البرلمان الإثيوبي في يوليو 2025، والتي شدد فيها على أن الوصول إلى الموانئ لم يعد خيارًا تنمويًا، بل تحول إلى قضية وجودية، ملوحًا في الوقت ذاته بإمكانية اللجوء إلى القوة في حال تعثر المسارات الدبلوماسية، ويعكس هذا الطرح تحولًا جوهريًا في الخطاب الرسمي الإثيوبي، من التركيز على البعد الاقتصادي التنموي إلى تبني مقاربة أمنية استراتيجية ذات انعكاسات مباشرة على استقرار الإقليم.
وتكمن خطورة هذا التحول في تزامنه مع بيئة إقليمية شديدة الهشاشة، مثقلة بالنزاعات والتوترات، حيث تنظر دول الجوار  وفي مقدمتها إريتريا وجيبوتي والصومال  إلى هذه الطموحات باعتبارها تهديدًا مباشرًا لسيادتها ولمصالحها الوطنية، وترفض أي مقاربة تقوم على فرض الأمر الواقع. وإلى جانب الأبعاد السياسية والأمنية، تبرز أبعاد أخرى لا تقل أهمية، من بينها التداعيات الاقتصادية على حركة التجارة الإقليمية، والمخاطر المحتملة على أمن البحر الأحمر، فضلًا عن احتمالات انزلاق المنطقة إلى سباق نفوذ إقليمي ودولي جديد.
انطلاقًا من ذلك، يسعى هذا التقدير إلى تناول ملامح التصعيد الإثيوبي الراهن، وتفكيك دوافع أديس أبابا في تكثيف تحركاتها وتصعيد خطابها بشأن الحصول على منفذ بحري، فضلًا عن استشراف أبرز السيناريوهات المحتملة في ضوء حالة التأهب التي تشهدها المنطقة.

أولًا: ملامح التوترات الإقليمية المرتبطة بالطموحات البحرية الإثيوبية

على خلفية التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بشأن “الحاجة الوجودية” إلى منفذ بحري، وما تضمنته من تلميحات باستخدام القوة، تصاعدت حدة التوترات بين إثيوبيا ودول جوارها المطلة على البحر الأحمر، وهو ما يمكن تبيانه من خلال الملامح التالية:
  1. التوترات الإثيوبية الإريترية: تشهد العلاقات الإريترية الإثيوبية توترًا متصاعدًا منذ اتفاق بريتوريا 2022 بين أديس أبابا وجبهة التيجراي بوساطة أمريكية دون إشراك أسمرا، التي شعرت بالتهميش رغم دعمها العسكري لإثيوبيا. وفي يونيو 2025، اتهمت وزارة الإعلام الإريترية الحكومة الإثيوبية بشن حملات دبلوماسية تمهيدًا لصراع محتمل، واستيراد أسلحة جديدة مع تصاعد التوترات الحدودية، فضلًا عن تصريحات استفزازية من حزب الازدهار بشأن منافذ بحرية على حساب الجوار. في المقابل، اتهمت إثيوبيا إريتريا بمحاولة تقويض اتفاق بريتوريا والتدخل في شؤونها الداخلية، فيما وجه الرئيس الإثيوبي الأسبق مولاتو تيشومي اتهامات للرئيس الإريتري آسياس أفورقي بإشعال الصراع في شمال إثيوبيا[i]، ويرى مراقبون أن التصعيد الحالي يفتح الباب أمام عمل عسكري محتمل ضد إريتريا، في ظل تبادل الاتهامات بين الجانبين بدعم فصائل معارضة، فقد كشفت تقارير عن استضافة أسمرا مجموعات متمردة إثيوبية وتقديم دعم للفانو في أمهرة، وسط توقعات بتحالف الأخيرة مع جبهة تحرير تيجراي ضد حكومة آبي أحمد بدعم إريتري. في المقابل، استضافت أديس أبابا رموزًا من المعارضة الإريترية، من بينهم المؤتمر الوطني لعفر إريتريا والجبهة الثورية الزرقاء، ما يعكس ملامح صراع بالوكالة يهدد بتفجير الأوضاع بين الطرفين.
  2. التوترات الإثيوبية الصومالية: رغم توقيع “إعلان أنقرة” في ديسمبر 2024 بوساطة تركية لتخفيف التوتر بين الصومال وإثيوبيا، بعد اتفاق الأخيرة مع حكومة صوماليلاند على منفذ بحري في ميناء بربرة، إلا أن الأزمة لا تزال مشتعلة، حيث واصلت أديس أبابا إطلاق تصريحات استفزازية بشأن حقها في الوصول إلى البحر الأحمر، وهو ما دفع مقديشو إلى رفض أي وجود أو مناورات عسكرية لقوى غير ساحلية في مياهها، واتهام إثيوبيا بالسعي لاقتطاع أراضٍ صومالية. وعلى خلفية ذلك، برز تحالف ثلاثي يضم الصومال وإريتريا ومصر بهدف تطويق الطموحات الإثيوبية في موانئ الإقليم، فيما كثفت القاهرة دعمها العسكري لمقديشو من خلال إرسال معدات وبعثات تدريبية، والتأكيد مؤخرًا على استعدادها لتعزيز التعاون الأمني والدفاعي مع الصومال في مواجهة أي محاولات لفرض أمر واقع في البحر الأحمر.[ii]
  3. التوترات الإثيوبية الجيبوتية: تعتبر جيبوتي المنفذ البحري الرئيسي لإثيوبيا، حيث تمر خلاله 90% من التجارة الخارجية الإثيوبية، فيما تنبثق التوترات بين البلدين حول التناقض بين تطلعات إثيوبيا للوصول إلى منفذ بحري، ورغبة جيبوتي في الحفاظ على مصالحها الاقتصادية ومكانتها الجيوسياسية، وهو ما دفع جيبوتي لتقديم عرض لإثيوبيا، في سبتمبر 2024، للحصول على ميناء تاجورة، بحيث يحق لأديس أبابا التمتع بالإدارة الكاملة للميناء، إلا أن إثيوبيا رفضت هذا العرض، بزعم أنه لا يلبي تطلعاتها، فوفقا لتصريحات إثيوبية، فإن أديس أبابا لا تسعى لمجرد الوصول إلى البحر، لكنها ترغب في منفذ سيادي، يتمتع بحصانة خارج الحدود  الإقليمية، كما تسعى أيضا للحصول على قاعدة بحرية، وهي التصريحات التي قابلتها جيبوتي بالرفض، مشددة على سيادتها على كامل أراضيها، كما صرح الرئيس إسماعيل عمر جيلي بأن التحركات الإثيوبية متهورة، ويمكن أن تؤدي إلى زعزعة استقرار الإقليم.

ثانيًا: التحركات الإثيوبية للوصول للبحر الأحمر

رغم القرار الدولي بتفكيك قوات البحرية الإثيوبية، عام 1996، وعرض أصولها للبيع، إلا أن إثيوبيا لم تستسلم، حيث شرعت عبر كافة المستويات، لتجاوز مآلات الجغرافيا السياسية، التي فُرضت عليها بعد استقلال إريتريا عنها.
فعلى الصعيد الداخلي، قامت إثيوبيا، عام 2012، بإنشاء مدرسة بحرية، لتخريج قرابة 5000 من المهندسين والبحارة والفنيين، لتشغيلهم في الأساطيل التابعة لدول جنوب شرق أسيا، ويتحقق من تلك الخطوة عدة مميزات، فبخلاف العوائد المادية الناجمة عن تشغيل العمالة الإثيوبية، التي تبلغ قيمتها 250 مليون دولار سنويا، تحصل إثيوبيا على خبرات عملية، تؤهلها فيما بعد لتنفيذ مشاريع قومية، حيث تخطط أديس أبابا لإنشاء 35 ميناء جاف، وبعد تولي “آبي أحمد” رئاسة الوزراء في مارس 2018، أعلن في أول خطاب له ضرورة  إعادة بناء السلاح البحري الإثيوبي، مشددًا على أهمية امتلاك إثيوبيا قواعد عسكرية بحرية، للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية، وفي ديسمبر 2018 وافق البرلمان الإثيوبي على مشروع قانون، يقضي ببناء قوة عسكرية إثيوبية، كما تم وضع حجر الأساس لإنشاء مراكز تدريب عسكرية في بيشوفتو، وأعلنت البحرية الإثيوبية إنشاء مكتب منفصل عن وزارة الدفاع، بدعم روسي، وفي مايو الماضي، كشفت إثيوبيا عن تشكيل قوة شرطة بحرية، مكلفة بضمان الأمن حول سد النهضة الاثيوبي[iii]، فيما تطلع إثيوبيا إلى تدريب من 300-500 ضابط بحري، بحلول عام 2027، في محاولة للاستفادة من الشراكة الاستراتيجية الواسعة مع الجانب الروسي[iv].
وعلى الصعيد الإقليمي، ارتكزت سياسة “آبي أحمد” منذ توليه الحكم على استراتيجية تصفير المشكلات، لضمان تنويع الخيارات الاستراتيجية الإثيوبية فيما يتعلق بالمنافذ البحرية، وتمكن خلال عام 2018 من توقيع العديد من اتفاقات الشراكة الإقليمية، لا سيما في المجال البحري، ففي مايو 2018 وقعت أديس أبابا اتفاق مع السودان لاستخدام ميناء بورتسودان، لخدمة المصالح التجارية الإثيوبية في الإقليم الشمالي[v]، كما تم إبرام اتفاق مع الحكومة الكينية، لتقديم تسهيلات من أجل الحصول على أراضي، في جزيرة لامو، ضمن إطار مشروع لابسيت، الذي يعمل على ربط إثيوبيا بكينيا وجنوب السودان[vi]، وفي مايو 2021، وقعت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع هيئة موانئ دبي  التي تستحوذ على 51% من أسهم ميناء بربرة، لتطوير الطريق الذي يربط بين أديس أبابا والميناء[vii]، وفي يناير 2024، عقدت إثيوبيا اتفاق مع صوماليلاند، يمكن إثيوبيا من الوصول إلى منفذ بحري بميناء بربرة، مما أدى الى تصاعد التوترات مع الحكومة المركزية في مقديشيو، وبالرغم من توسط تركيا لحل تلك الازمة، إلا أن استمرار التصريحات الإثيوبية الاستفزازية، أدت إلى توقف المحادثات، في حين تعكس المؤشرات إمكانية تجدد التوترات، لاسيما مع رفض وزارة الدفاع الصومالية مشاركة إثيوبيا في تدريبات بحرية بالقرب من السواحل الصومالية.
أما على الصعيد الدولي، فقد استعانت إثيوبيا بعدد من الدول الغربية، لتعزيز نفوذها البحري، ففي مارس 2019، وقعت اتفاقية عسكرية مع باريس بقيمة 96 مليون دولار، بهدف إنشاء قوة بحرية عسكرية[viii]، وفي يناير 2019 أعلنت روما استعدادها للمساعدة في تمويل دراسة الجدوى الخاصة بمشروع السكك الحديدية المعني بربط أديس أبابا بميناء مصوع بإريتريا[ix]، وفي مارس 2025 وقعت إثيوبيا وروسيا على عدد من الاتفاقيات، التي تستهدف تطوير القوة البحرية الإثيوبية، ورفع كفاءتها، وتحسين قدرتها على تنفيذ المهام الاستراتيجية[x]، كما كشفت تقارير عن التخطيط لبرامج تدريبية مشتركة مع الهند والجزائر، حيث تسعى إثيوبيا، لتنويع مصادر الدعم، والاستفادة من الخبرات المختلفة.

ثالثًا: الدوافع الإستراتيجية وراء السعي الإثيوبي نحو منفذ بحري

تُحرك إثيوبيا جُملة من الدوافع الاستراتيجية، للحصول على منفذ بحري، سعيًا منها للعب دورًا هامًا في معادلة أمن البحر الأحمر، نذكر منها التالي:
  1. التحدي الجغرافي: أصبحت إثيوبيا دولة حبيسة، منذ عام 1993، عقب استقلال إريتريا عنها، بعد حروب دامية انتهت بخسارتها ميزة الحصول على منفذ بحري، مما فرض عليها تحديات تتعلق بحماية مصالحها الاستراتيجية، ورغم توقيع اتفاق مع الرئيس الإريتري “آسياس أفورقي”، في 2018، يقضي بحصولها على خدمات ميسرة بالموانئ الإريترية، إلا أن الاتفاق لم يُنفذ، نتيجة تجدد التوترات بين الجانبين، بعد توقيع إثيوبيا اتفاق السلام مع التيجراي، عام 2022، لذا حرمت الطبيعة الجغرافية إثيوبيا من امتيازات جيواستراتيجية هامة.
  2. بلورة دورها الإقليمي: تسعى حكومة “آبي أحمد” على مدار السنوات الماضية نحو إثقال الدور الإثيوبي الإقليمي، وتقديم نفسها باعتبارها لاعبا رئيسيا له دورا في تقديم الخدمات العسكرية واللوجستية، ناهيك عن تطلعها للمشاركة في صياغة الأهداف البحرية الإقليمية، لاسيما مع امتلاكها حوالي 13 سفينة، ويعتبر الحصول على منفذًا بحريًا شريطة تحقيق ذلك، وهو ما سيضمن لها تعزيز مصالحها الاستراتيجية، وحماية تجارتها الدولية، واستيفاء متطلباتها الاستهلاكية، وتنظيم حركة الاستيراد والتصدير الخاصة بها.
  3. تنويع البدائل الاستراتيجية: تسعى أديس أبابا نحو تنويع خياراتها الاستراتيجية، فيما يتعلق بمنافذها البحرية، بدلًا من الاعتماد على ميناء جيبوتي، الذي يستحوذ على أكثر من 90% من حركة التجارة الإثيوبية الخارجية، تحسبًا لاي خلافات أو تحولات محتملة للعلاقة بين البلدين، ناهيك عن التعقيدات التي تشهدها منطقة القرن الأفريقي، فيما يتعلق بالتفاعلات الدولية، لا سيما في جيبوتي، التي تضم عددًا كبيرًا من القواعد العسكرية، حيث ينطوي على ذلك تهديدات بالغة، فيما يتعلق بإمكانية استخدام إثيوبيا المنافذ البحرية لدول الجوار.
  4. تأثير الأوضاع الداخلية: أدت الصراعات الإثيوبية الداخلية بين الحكومة الفيدرالية وقوات دفاع التيجراي إلى تحويل مسألة الحصول على منفذ بحري سواء على البحر الأحمر أو المحيط الهندي لأمر ملح، لاسيما بعد التهديدات التي نفذتها قوات دفاع التيجراي، وقاموا على إثرها بقطع الطريق الرئيسي بإقليم عفر الذي يربط العاصمة أديس أبابا بميناء جيبوتي، ويمر خلاله 95% من التجارة الإثيوبية للخارج، من جهة أخرى ترى الحكومة الإثيوبية أن بلورة الحصول على منفذ بحري باعتباره هدفا قوميا، من شأنه رأب الصدع الداخلي، واستمالة العرقيات المختلفة، لا سيما الأمهرة، لما تتمتع به من قوة وثقل عرقي، ورصيد ثقافي، يمتد لأكثر من 100 عام.
  5. حماية المصالح الاقتصادية: تسعى إثيوبيا إلى مواجهة التداعيات الناجمة عن التطورات الدولية، كالحرب الروسية الأوكرانية، والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ناهيك عن التوترات الإسرائيلية الإيرانية ودخول الحوثيين على خط المواجهة، فكل ما سبق مجتمعا أدى إلى ارتفاع شديد للأسعار، لاسيما السلع الغذائية، بنسبة تتجاوز 49%، فيما تُعزى تلك الزيادة إلى ارتفاع تكاليف التأمين والشحن عبر الموانئ الجيبوتية على وجه الخصوص، لذا فمن شأن حصول إثيوبيا على ميناء بحري تخفيض تكاليف الشحن بنسبة 30%، الأمر الذي ينعكس إيجابيًا على الناتج المحلي الإجمالي لإثيوبيا، بنسبة 30% أيضا. من جهة أخرى تسعى إثيوبيا بأن تتحول إلى مركز تصنيع إقليمي، مما يتطلب حل جذري لمشكلة المنافذ البحرية، كي تتمكن من تنويع طرق التجارة الخاصة بها، مما يسهم في تحولها لقوة اقتصادية رائدة، ذات نفوذ إقليمي بارز
  6. التنافس الدولي: تشهد منطقة القرن الأفريقي تنافسا دوليا، يتضح ذلك من جُملة القواعد العسكرية المنتشرة بها، فجيبوتي تضم وحدها 6 قواعد عسكرية، لذا تخشى إثيوبيا من تنامي النفوذ الدولي بالمنطقة، بحيث تفقد دول الجوار استقلاليتها في اتخاذ قراراتها السيادية، الأمر الذي من شأنه تهديد المصالح الإثيوبية الاستراتيجية.

رابعًا: السيناريوهات المحتملة لمآلات التصعيد الإثيوبي

هناك العديد من المحفزات التي تدفع إثيوبيا نحو تكثيف تحركاتها للحصول على منفذ بحري، وعليه تتصاعد التوترات مع دول الإقليم، من هنا يمكن استشراف عدة سيناريوهات حول مآلات التصعيد الحالي، وذلك على النحو التالي:
  1. السيناريو الأول: استمرار اللاسلم واللاحرب (الأكثر ترجيحًا)
 يفترض هذا السيناريو بقاء الوضع الراهن في دائرة “اللاسلم واللاحرب”، حيث تتواصل التصريحات الاستفزازية والتراشق الإعلامي بين الأطراف، مع تبادل الاتهامات بشأن تهديد استقرار الإقليم، وسعي كل طرف إلى استمالة معارضة الآخر. ورغم احتمال إجراء محادثات متقطعة على هامش بعض الفعاليات الإقليمية والدولية، إلا أنها ستظل محادثات شكلية لا تفضي إلى تسوية حقيقية. وبذلك، يستمر المشهد في حالة من الجمود والتوتر المزمن، ما يجعل هذا السيناريو من أكثر السيناريوهات قربًا إلى الواقع في المدى المنظور.
  1. السيناريو الثاني: تبني الحل الدبلوماسي (مرجح)
 استنادًا للقانون الدولي في مادته الـ 125، والذي ينص على إمكانية استخدام الدول الحبيسة للموانئ البحرية لدول الجوار، شريطة عدم المساس بسيادتها ومصالحها الوطنية، ورغم التكلفة المادية التي تتحملها أديس أبابا جراء استخدام تلك الموانئ، إلا أن هذا السيناريو يعتبر الأنسب لإثيوبيا في الوقت الحالي، نظرًا للتوترات والصراعات الداخلية التي تواجهها، سواء ما يتعلق بالمواجهات بين القوات الإثيوبية ومجموعات الفانو الأمهرية، أو ما يتعلق باشتعال الصراع مجددا بين النظام الإثيوبي وجبهة تحرير التيجراي، بعدما كشفت تقارير عن دعم إريتري للتيجراي لمواجهة نظام آبي أحمد، ناهيك عن المشكلات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، ويفترض هذا السيناريو تدخل بعض القوى الدولية والإقليمية للوساطة، والدفع نحو التقارب، وتهدئة التوترات، وتقديم  حلول وسط لمشكلة إثيوبيا في الوصول إلى منفذ بحري، كتأجير جزء من الساحل الإريتري.
  1. السيناريو الثالث: الصدام العسكري (الأقل ترجيحًا)
على الرغم من استبعاد اندلاع مواجهة عسكرية واسعة النطاق في الوقت الراهن، يبقى هذا السيناريو قائمًا ولو بقدر محدود  في ظل تنامي الخطاب المتشدد داخل النخبة الإثيوبية، والضغوط المتصاعدة على حكومة آبي أحمد لإيجاد منفذ بحري بأي وسيلة، فضلًا عن مظاهر التعبئة العسكرية والتوتر القائم على بعض الحدود، خاصة الحدود الإثيوبية – الإريترية، غير أن هذا الخيار يظل الأضعف ترجيحًا نظرًا لافتقار دول المنطقة إلى القدرة على تحمل كلفة حرب شاملة، سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية، بما قد يحصر الاحتمالات في إطار مناوشات حدودية محدودة، دون تطورها إلى صدام مفتوح.

خامسًا: مسارات تحرك دول الجوار الإثيوبي تجاه الطموحات البحرية لأديس أبابا

تشهد منطقة القرن الإفريقي تصاعدًا في التوترات نتيجة الطموحات الإثيوبية للحصول على منفذ بحري، ما يضع دول الجوار (الصومال – إريتريا – جيبوتي) أمام تحديات مباشرة للحفاظ على سيادتها ومصالحها الاستراتيجية. وفي هذا السياق، نستعرض مسارات تحرك مقترحة لهذه الدول لمواجهة التطلعات الإثيوبية البحرية:
  1. توحيد الموقف الإقليمي: وذلك من خلال بلورة إريتريا وجيبوتي  والصومال موقف موحد يرفض أي مساس بسيادتهم البحرية أو محاولات فرض أمر واقع من جانب إثيوبيا، مع توظيف منظمة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية “الإيجاد” كإطار إقليمي لمعالجة التوترات الناشئة عن الطموحات البحرية الإثيوبية، وذلك من خلال فتح قنوات حوار جماعي لاحتواء التصعيد، وتبني آليات إنذار مبكر تحول دون انزلاق الخلافات إلى مواجهة عسكرية، بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر.
  2. تعزيز التحالفات الدولية والإقليمية: يقترح أن تعمل دول الجوار على توسيع نطاق شراكاتها الإقليمية والدولية مع القوى الفاعلة ذات الحضور في البحر الأحمر والقرن الإفريقي، بما يضمن توفير دعم سياسي وأمني يساهم في تقليص هامش المناورة أمام إثيوبيا، ويحول دون محاولاتها فرض أمر واقع يهدد الاستقرار الإقليمي.
  3. بناء قدرات الردع البحري والأمني: ضرورة أن تتجه هذه الدول إلى تطوير منظومة دفاعية مشتركة عبر دوريات بحرية متكاملة، وإنشاء مركز إقليمي لمراقبة التحركات البحرية، بجانب الاستثمار في قدرات خفر السواحل بدعم دولي، لردع أي محاولات إثيوبية للتمدد البحري.
  4. المسار القانوني والدبلوماسي: من الاعتماد على الأطر القانونية الدولية لمواجهة التهديدات الإثيوبية، سواء عبر اللجوء إلى محكمة العدل الدولية أو مجلس الأمن، أو من خلال تثبيت حقوقها البحرية باتفاقيات دولية ملزمة تؤكد سيادتها على موانئها.
  5. الاستراتيجية الاقتصادية والبدائل التنموية: تعمل هذه الدول على تعظيم استغلال موانئها وتطوير بنيتها التحتية البحرية، بما يمنحها أوراق قوة إضافية، مع إمكانية توفير تسهيلات تجارية ولوجستية لإثيوبيا مقابل رسوم وشروط واضحة، دون التنازل عن السيادة أو ملكية الأراضي.

[i] Mulatu Teshome Wirtue, To avoid another conflict in the Horn of Africa, now is the time to act, Aljazeera,17/2/2025, available at: https://www.aljazeera.com/opinions/2025/2/17/to-avoid-another-conflict-in-the-horn-of-africa-now-is-the-time-to-act
[ii] Somalia rejects Ethiopian request for joint maritime exercise,APAnews,22/7/2025, available at: https://apanews.net/somalia-checkmates-landlocked-ethiopias-maritime-ambition/
[iii] إثيوبيا تستحدث شرطة بحرية لحماية سد النهضة، الجزيرة.نت، 11/5/2025، متاح على: https://www.ajnet.me/news/2025/5/11/%D8%A5%D8%AB%D9%8A%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%AB-%D8%B4%D8%B1%D8%B7%D8%A9-%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9
[iv] Sailing Without a Coast: Russia’s Role in Building Ethiopia’s Navy Staff and Its Regional Implications, RLI,10/6/2025, available at: https://lansinginstitute.org/2025/06/10/sailing-without-a-coast-russias-role-in-building-ethiopias-navy-staff-and-its-regional-implications/
[v] Ethiopia to take a stake in Sudan’s main sea gateway port, Reuters,3/5/2018, available at: https://www.reuters.com/article/us-ethiopia-sudan/ethiopia-to-take-a-stakein-sudans-main-sea-gateway-port-idUSKBN1I41R1/
[vi] Ethiopia to use Lamu Port in deal with Kenya,KBC,27/2/2025, available at: https://www.kbc.co.ke/ethiopia-to-use-lamu-port-in-deal-with-kenya/
[vii] Ministry of Transport of Ethiopia and DP World sign MoU for the development of the Ethiopian side of the Berbera Corridor,DP world,6/5/2021, available at: https://www.dpworld.com/news/releases/ministry-of-transport-of-ethiopia-and-dp-world-sign-mou-for-the-development-of-the-ethiopian-side-of-the-berbera-corridor/
[viii] Ethiopia, France sign military, navy deal, turn ‘new page’ in ties, reuters,12/3/20219, available at: https://www.reuters.com/article/world/ethiopia-france-sign-military-navy-deal-turn-new-page-in-ties-idUSKBN1QT2VZ/
[ix] Italy agrees to fund planning for Ethiopia-Eritrea railway,GCR,25/1/2019,available at: https://www.globalconstructionreview.com/italy-agrees-fund-planning-ethiopiaeritrea-railway/
[x] إ البحرية الإثيوبية والروسية توقعان اتفاقية تعاون لتعزيز القدرات البحرية، موقع قراءات أفريقية،18/3/2025، متاح على: https://qiraatafrican.com/27925/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AB%D9%8A%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D9%82%D8%B9%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D8%AA/
Tags: آبي أحمدأديس أباباأمن البحر الأحمرإريتريا وجيبوتي والصومالالبرلمان الإثيوبيالتصعيد الإثيوبيالطموحات الإثيوبيةالطموحات البحرية الإثيوبيةالعلاقات الإريترية الإثيوبيةالقرن الإفريقيسد النهضة الاثيوبيصوماليلاندمنفذ بحريميناء بربرةنهال أحمد السيد
المنشور التالي

إفريقيا في مواجهة سياسة ترامب للتهجير القسري واحتمالات التحول إلى ساحة مفتوحة

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

نشر حديثًا

الاستراتيجيات والتخطيط

نحو تفعيل الدور المصري في الوساطة: آليات التخطيط والتأثير في محيط متغير

التقديرات

إفريقيا في مواجهة سياسة ترامب للتهجير القسري واحتمالات التحول إلى ساحة مفتوحة

التقديرات

الطموحات البحرية الإثيوبية: تداعيات إقليمية وسيناريوهات التصعيد في القرن الإفريقي

الإنذار المبكر

الحرب الإعلامية الجديدة: كيف يُستخدم الذكاء الاصطناعي في تهديد الأمن القومي المصري؟

مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية

مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية هو مركز بحثي مستقل يُعنى بإعداد التقديرات الاستراتيجية والتحليلات المعمقة للقضايا الإقليمية والدولية ذات الصلة بالأمن القومي، والسياسات العامة، والعلاقات الدولية، يضم المركز نخبة من الباحثين والخبراء المتخصصين، ويهدف إلى دعم صانع القرار برؤى موضوعية ومبنية على معطيات دقيقة، في بيئة تتسم بتعقيد وتسارع التحولات.

اتصل بنا

  • شارع الماظة الرئيسى بالتقاطع مع شارع الثورة الرئيسى - مصر الجديدة
  • 01062042059 - 01080841505
  • [email protected]

النشرة البريدية

اشترك الآن في نشرتنا البريدية:

جميع الحقوق محفوظة © 2025 – مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية | تنفيذ ♡ Dotsmaker

No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • التقديرات
  • الإنذار المبكر
  • البرامج
    • الدراسات الإفريقية
    • الدراسات الفلسطينية- الإسرائيلية
    • الدراسات التركية
    • الدراسات الإيرانية
    • الدراسات الأذربيجانية
    • الاستراتيجيات والتخطيط
    • الإرهاب والتطرف
    • الطاقة
    • الذكاء الاصطناعي
    • الأمن السيبراني
    • التغير المناخي
    • السياسات العامة
  • المرصد
  • الإصدارات
  • الفعاليات
    • التدريب
    • ورش العمل
    • ندوات
  • نافذة مسارات
    • أخبار المركز
    • المركز في الإعلام
    • مقالات الرأي
    • انفوجراف
    • فيديوجراف
  • العربية